المسألة الثانية أما صدقة الفرض فلا خلاف أن إظهارها أفضل كصلاة الفرض وسائر فرائض الشريعة لأن المرء يحرز بها إسلامه ويعصم ماله وليس في تفضيل صدقة العلانية على السر ولا في تفضيل صدقة السر على العلانية حديث صحيح يعول عليه ولكنه الإجماع الثابت فأما صدقة النفل فالقرآن صرح بأنها في السر أفضل منها في الجهر بيد أن علماءنا قالوا إن هذا على الغالب مخرجه والتحقيق فيه أن الحال في الصدقة تختلف بحال المعطي لها والمعطى إياها والناس الشاهدين لها أما المعطي فله فائدة إظهار السنة وثواب القدوة وآفتها الرياء والمن والأذى وأما المعطى إياها فإن السر أسلم له من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف وأما حال الناس فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء وعلى الآخذ له بالاستثناء ولهم فيها تحريك القلوب إلى الصدقة لكن هذا اليوم قليل الآية الخامسة والثمانون قوله تعالى (* (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) *) [الآية 272] فيها ثلاث مسائل المسألة الأولى في سبب نزولها وفي ذلك قولان
(٣١٥)