أحكام القرآن - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٢٨
والمسألة السابعة عشرة قوله تعالى (* (فإذا تطهرن) *)) وهما ملتزمتان وقد اختلف الناس فيه اختلافا متباينا نطيل النفس فيه قليلا وفيه ثلاثة أقوال الأول أن معنى قوله تعالى (* (حتى يطهرن) *) حتى ينقطع دمهن قاله أبو حنيفة ولكنه ناقض في موضعين قال إذا انقطع دمها لأكثر الحيض حينئذ تحل وإن انقطع دمها لأقل الحيض لم تحل حتى يمضي وقت صلاة كامل الثاني لا يطؤها حتى تغتسل بالماء غسل الجنابة قال الزهري وربيعة والليث ومالك وإسحاق وأحمد وأبو ثور الثالث تتوضأ للصلاة قاله طاوس ومجاهد فأما أبو حنيفة فينقض قوله بما ناقض فيه فإنه تعلق بأن الدم إذا انقطع لأقل الحيض لم يؤمن عودته قلنا ولا تؤمن عودته إذا مضى وقت صلاة فبطل ما قلته والتعلق بالآية يدفع من وجهين أحدهما أن الله تعالى قال (* (ولا تقربوهن حتى يطهرن) *) مخففا وقرئ حتى يطهرن مشددا والتخفيف وإن كان ظاهرا في استعمال الماء فإن التشديد فيه أظهر كقوله تعالى (* (وإن كنتم جنبا فاطهروا) *) [المائدة 6] فجعل ذلك شرطا في الإباحة وغاية للتحريم فإن قيل المراد بقوله تعالى (* (حتى يطهرن) *) حتى ينقطع عنهن الدم وقد يستعمل التشديد موضع التخفيف فيقال تطهر بمعنى طهر كما يقال قطع وقطع ويكون هذا أولى لأنه لا يفتقر إلى إضمار ومذهبكم يفتقر إلى إضمار قولك بالماء قلنا لا يقال اطهرت المرأة بمعنى انقطع دمها ولا يقال قطع مشددا بمعنى قطع مخففا وإنما التشديد بمعنى تكثير التخفيف
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»