تفسير النسفي - النسفي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٥
الأحزاب (4 - 1)) خطابنا إلى أحبابنا وإنما لم يقل يا محمد كما قال يا آدم يا موسى تشريفا له وتنويها بفضله وتصريحه باسمه في قوله محمد رسول الله ونحوه لتعليم الناس بأنه رسول الله * (اتق الله) * أثبت على تقوى الله ودم عليه وازدد منه فهو باب لا يدرك مداه * (ولا تطع الكافرين والمنافقين) * ولا تساعدهم على شئ واحترس منهم فإنهم أعداء الله والمؤمنين وروى أن أبا سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمى قدموا المدينة بعد قتال أحد فنزلوا على عبد الله بن أبي وأعطاهم النبي الأمان على أن يكلموه فقالوا ارفض ذكر آلهتنا وقل أنها تنفع وتشفع ووازرهم المنافقون على ذلك فهم المسلمون بقتلهم فنزلت أي اتق الله في نقض العهد ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا * (إن الله كان عليما) * بخبث أعمالهم * (حكيما) * في تأخير الأمر بقتالهم * (واتبع ما يوحى إليك من ربك) * في الثبات على التقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين * (إن الله) * الذي يوحى إليك * (كان بما تعملون خبيرا) * أي لم يزل عالما بأعمالكم وقيل إنما جمع لأن المراد بقوله اتبع هو وأصحابه وبالياء أبو عمرو أي بما يعمل الكافرون والمنافقون من كيدهم لكم ومكرهم بكم * (وتوكل على الله) * اسند امرك إليه وكله إلى تدبيره * (وكفى بالله وكيلا) * حافظا موكولا إليه كل امر وقال الزجاج لفظه وان كان لفظ الخبر فالمعنى اكتف بالله وكيلا * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم) * أي ما جمع الله قلبين في جوف ولا زوجية وأمومة في امرأة ولا بنوة ودعوة في رجل والمعنى أنه تعالى كما لم يجعل لإنسان قلبين لأنه لا يخلو اما أن يفعل بالآخر فعلا من أفعال القلوب فأحدهما فضلة غير محتاج اليه واما أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك فذلك يؤدى إلى اتصاف الجملة بكونه مريدا كارها عالما ظانا موقنا شاكا في حالة واحدة لم يحكم أيضا أن تكون المرأة الواحدة اما لرجل زوجا له لأن الأم مخدومة والمرأة خادمة وبينهما مغافاة وأن يكون الرجل الواحد دعيا لرجل وابنا له لأن البنوة اصالة في النسب والدعوة الصدق عارض بالتسمية لا غير ولا يجتمع في الشيء الواحد أن يكون أصيلا غير أصيل وهذا مثل ضربه الله تعالى في زيد بن حارثة وهو رجل من كلب صبي ضغير فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له فطلبه أبوه وعمه فخير فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتقه
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»