تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ١٩٥
بعطائنا في الدنيا من الملك والغنى وغيرهما من النعم * (من نشاء) * من اقتضيت الحكمة أن نشاء له ذلك * (ولا نضيع أجر المحسنين) * في الدينا * (ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا) * يريد يوسف وغيره من المؤمنين إلى يوم القيامة * (وكانوا يتقون) * الشرك والفواحش قال سفيان بن عيينة المؤمن يثاب على حسناته في الدنيا و الآخرة والفاجر يعجل له الخير في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق وتلا الآية روى أن الملك توج يوسف وختمه بخاتمة ورداه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت فقال اما السرير فأشدبه ملكك واما الخاتم فأدبر به أمرك و اما التاج فليس من لبساى ولا لباس آبائي فجلس على السرير ودانت له الملوك وفوض الملك إليه أمره و عزل قطفير ثم مات بعد فزوجه الملك امرأته فلما دخل عليها قال أليس هذا خيرا مما طلبت فوجدها عذراء فولدت له ولدين افراثيم وميشا وأقام العدل بمصر وأحبته الرجال والنساء وأسلم على يديه الملك وكثير من الناس وباع من أهل مصر في سنين القحط الطعام بالدراهم والدنانير في السنة الأولى حتى لم يبق معهم شيء منها ثم بالحلى والجواهر في الثانية ثم بالدواب في الثالثة ثم بالعبيد والإماء في الرابعة ثم بالدور والعقار في الخامسة ثم بأولادهم في السادسة ثم برقابهم في السابعة حتى استرقهم جميعا ثم اعتق أهل مصر عن آخرهم ورد عليهم أملاكهم وكان لا يبيع لاحد من الممتارين أكثر من حمل بعير وأصاب ارض كنعان نحو ما أصاب مصر فأرسل يعقوب بنيه ليمتاروا وذلك قوله * (وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم) * بلا تعريف * (وهم له منكرون) * لتبدل الزي ولأنه كان من وراء الحجاب ولطول المدة وهو أربعون سنة روى أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم أخبروني من أنتم وما شانكم قالوا نحن قوم من أهل الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار فقال لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي فقالوا معاذ الله نحن بنو نبي حزين لفقد ابن كان أحبنا إليه وقد أمسك أخا له من أمه يستأنس به فقال ائتوني به أن صدقتم * (ولما جهزهم بجهازهم) * اعطى كل واحد منهم حمل بعير وقرئ بكسر الجيم شاذا * (قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل) * أتمه * (وأنا خير المنزلين) * كان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم رغبهم بهذا الكلام على الرجوع إليه * (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي) * فلا أبيعكم طعاما * (ولا تقربون) * أي فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا فهو داخل في حكم الجزاء مجزوم معطوف على محل قوله فلا كيل لكم أو هو بمعنى النهى * (قالوا سنراود عنه أباه) * سنخادعه عنه ونحتال حتى
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»