تفسير النسفي - النسفي - ج ٢ - الصفحة ١٩٣
يوسف (50 _ 53)) كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجونى ولقد عجبت منه حين اتاه الرسول فقال ارجع إلى ربك ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث لأسرعت الإجابة وبادرت الباب ولما ابتغيت العذر إن كان لحليما ذا أناة ومن كرمه وحسن أدبه أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب واقتصر على ذكر المقطعات أيديهن * (إن ربي بكيدهن عليم) * أي إن كيدهن عظيم لا يعلمه إلا الله وهو مجازيهن عليه فرجع الرسول إلى الملك من عند يوسف برسالته فدعا الملك النسوة المقطعات أيديهن ودعا امرأة العزير ثم * (قال) * لهن * (ما خطبكن) * ما شأنكن * (إذ راودتن يوسف عن نفسه) * هل وجدتن منه ميلا اليكن * (قلن حاش لله) * تعجبا من قدرته على خلق عفيف مثله * (ما علمنا عليه من سوء) * من ذنب * (قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق) * ظهر واستقر * (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) * في قوله هي روادتنى عن نفسي ولا مزيد على شهادتهن له للبرءاة والنزاهة واعترافهن على أنفسهن بأنه لم يتعلق بشيء مما قذف به ثم رجع الرسول إلى يوسف واخبره بكلام النسوة وإقرار امرأة العزيز وشهادتها على نفسها فقال يوسف * (ذلك) * أي امتناعى من الخروج والتثبت لظهور البرءاة * (ليعلم) * العزيز * (أني لم أخنه بالغيب) * بظهور الغيب في حرمته وبالغيب حال 8 من الفاعل أو المفعول على معنى و أنا غائب عنه أو وهو غائب عنى أو ليعلم الملك إني لم أخن العزيز * (وأن الله) * أي وليعلم أن الله * (لا يهدي كيد الخائنين) * لا يسدده و كأنه تعريض بامرأته في خيانتها أمانة زوجها ثم أراد ان يتواضع لله ويهضم نفسه لئلا يكون لها مزكيا وليبين ان ما فيه من الأمانة بتوفيق الله وعصمته فقال * (وما أبرئ نفسي) * من الزلل وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أزكيها في عموم الأحوال أو في هذه الحادثة لما ذكرنا من الهم الذي هو الخطرة البشرية لاعن طريق القصد والعزم * (إن النفس لأمارة بالسوء) * أراد الجنس أي ان هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه لما فيه من الشهوات * (إلا ما رحم ربي) * إلا البعض الذي رحمه ربى بالعصمة ويجوز أن يكون ما رحم في معنى الزمان أي إلا وقت رحمة ربى يعنى أنها أمارة بالسوء في كل وقت إلا وقت العصمة أو هو استثناء منقطع أي ولكن رحمة ربى هي التي تصرف الإساءة وقيل هو من كلام امرأة العزيز أي ذلك الذي قلت ليعلم يوسف إني لم أخنه ولم اكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصدق فيما سئلت عنه وما أبرئ نفسي مع ذلك من الخيانة فإني قد خنته حين قذفته وقلت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»