آل عمران (159 _ 161)) الجهاد ثم قال لهم ولئن تم عليكم ما تخافونه من الهلاك بالموت أو القتل في سبيل الله فإن ما تنالونه من المغفرة والرحمة بالموت في سبيل الله خير مما تجمعون من الدنيا فإن الدنيا زاد المعاد فإذا وصل العبد إلى المراد لم يحتج إلى الزاد * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * ما مزيدة للتوكيد والدلالة على أن لينه لهم ما كان إلا برحمة من الله ومعنى الرحمة ربطه على جأشه وتوفيقه للرفق والتلطف بهم * (ولو كنت فظا) * جافيا * (غليظ القلب) * قاسية * (لانفضوا من حولك) * لتفرقوا عنك حتى لا يبقى حولك أحد منهم * (فاعف عنهم) * ما كان منهم يوم أحد مما يختص بك * (واستغفر لهم) * فيما يختص بحق الله إتماما للشفقة عليهم * (وشاورهم في الأمر) * أي في أمر الحرب ونحوه مما لم ينزل عليك فيه وحى تطبيبا لنفوسهم وترويحا لقلوبهم ورفعا لأقدارهم أو لتقتدى بك أمتك فيها في الحديث ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم وعن أبي هريرة رضي الله عنه ما رأيت أحدا أكثر مشاورة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى شاورت فلانا أظهرت ما عندي وما عنده من الرأي وشرت الدابة واستخرجت جريها وشرت العسل أخذته من مآخذ نوفيه دلالة جواز الاجتهاد وبيان أن القياس حجة * (فإذا عزمت) * فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى * (فتوكل على الله) * في إمضاء أمرك على الأرشد لا على المشورة * (إن الله يحب المتوكلين) * رعليه والتوكل الاعتماد على الله والتفويض في الأمور إليه وقال ذو النون خلع الأرباب وقطع الأسباب * (إن ينصركم الله) * كما نصركم يوم بدر * (فلا غالب لكم) * فلا أحد يغلبكم وإنما يدرك نصر الله من تبرأ من حوله وقوته واعتصم بربه وقدرته * (وإن يخذلكم) * كما خذلكم يوم أحد * (فمن ذا الذي ينصركم من بعده) * من مبعد خذلانه وهو ترك المعونة أو هو من قولك ليس لك من يحسن إليك من بعد فلان تريد إذا جاوزته وهذا تنبيه على أن الأمر كله لله وعلى وجوب التوكل عليه * (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) * وليخص المؤمنون ربهم بالتوكل والتفويض إليه علمهم أنه لا ناصر سواه و لأن إيمانهم يقتضى ذلك * (وما كان لنبي أن يغل) * مكي و أبو عمرو وحفص وعاصم أي يخون وبضم الياء وفتح الغين غيرهم يقال غل شيئا من المغنم غلولا وأغل إغلالا إذا أخذه في خفية ويقال أغله إذا وجده غالا والمعنى ما صح له ذلك يعنى أن النبوة تنافى الغلول وكذا من قرأ على البناء للمفعول فهو راجع إلى هذا لأن معناه وما صح له أن
(١٨٨)