يعنى من السوء * (يحاسبكم به الله) * يكافئكم ويجازيكم ولا تدخل الوساوس وحديث النفس فيما يخفيه الانسان لأن ذلك مما ليس في وسعه الخلو منه ولكن ما اعتقده وعزم عليه والحاصل أن عزم الكفر كفر وخطرة الذنوب من غير عزم معفوة وعزم الذنوب إذا ندم عليه ورجع عنه واستغفر منه مغفور فأما إذا هم بسيئة وهو ثابت على ذلك إلا أنه منع عنه بمانع ليس باختياره فإنه لا يعاقب على ذلك عقوبة فعله أي بالعزم على الزنا لا يعاقب عقوبة الزنا وهل يعاقب عقوبة عزم الزنا قيل لا لقوله عليه السلام إن الله عفى عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به والجمهور على أن الحديث في الخطرة دون العزم و أن المؤاخذة في العزم ثابتة و إليه مال الشيخ أبو منصور وشمس الأئمة الحلواني رحمهما الله والدليل عليه قوله تعالى * (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة) * الآية وعن عائشة رضي الله عنها ما هم العبد بالمعصية من غير عمل يعاقب على ذلك ما يلحقه من الهم والحزن في الدنيا وفى أكثر التفاسير أنه لما نزلت هذه الآية جزعت الصحابة رضي الله عنهم وقالوا أنؤاخذ بكل ما حدثت به أنفسنا فنزل قوله * (آمن الرسول) * إلى قوله * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) * فتعلق ذلك بالكسب دون العزم وفى بعضها أنها نسخت بهذه الآية والمحققون على أن النسخ يكون في الأحكام لا في الإخبار * (فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) * برفعهما شامي وعاصم أي فهو يغفر ويعذب ويجزمهما غيرهم عطفا على جواب الشرط وبالإدغام أبو عمرو وكذا في الإشارة والبشارة وقال صاحب الكشاف مدغم الراء في اللام لاحن مخطئ لأن الراء حرف مكرر فيصير بمنزلة المضاعف ولا يجوز ادغام المضاعف وراوية عن أبي عمرو مخطى مرتين لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس في العربية ما يؤذن بجهل عظيم * (والله على كل شيء) * من المغفرة والتعذيب وغيرهما * (قدير) * قادر * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) * إن عطف المؤمنون على الرسول كان الضمير الذي التنوين نائب عنه في * (كل) * راجعا إلى الرسول والمؤمنون أي كلهم * (آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) * ووقف عليه و أن كان مبتدأ كان عليه كل مبتدأ ثانيا والتقدير كل منهم وآمن خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر الأول وكان الضمير للمؤمنين ووحد ضمير كل من آمن على معنى كل واحد منهم آمن وكتابه حمزة وعلى يعنى القرآن أو الجنس * (لا نفرق) * أي يقولون لا نفرق بل نؤمن بالكل * (بين أحد من رسله) * أحد في بمعنى الجمع ولذا دخل عليه بين وهو لا يدخل إلا على اسم يدل على أكثر
(١٣٩)