تفسير البغوي - البغوي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٥
شهداء حتى يفرغ من حاجته ويذهب وإن قلت ما رأيت إن في ظهري لثمانين جلدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما قال سيدكم \ قالوا لا تلمه فإنه رجل غيور ما تزوج امرأة قط إلا بكر ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها فقال سعد يا رسول الله بأبي أنت وأمي والله إني لأعرف أنها من الله وأنها حق ولكن عجبت من ذلك لما أخبرك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم \ فإن الله يأبى إلا ذلك \ فقال صدق الله ورسوله قال فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى جاء ابن عم له يقال له هلال بن أمية من حديقة له فرأى رجلا مع امرأته يزني بها فأمسك حتى أصبح فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه فقال يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء فوجدت رجلا مع امرأتي رأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أتاه به وثقل عليه حتى عرف ذلك في وجهه فقال هلال والله يا رسول الله إني لأرى الكراهية في وجهك مما أتيتك به والله يعلم إني لصادق وما قلت إلا حقا وإني لأرجو أن يجعل الله لي فرجا فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضربه فقال واجتمعت الأنصار فقالوا ابتلينا بما قال سعد يجلد هلال وتبطل شهادته وإنهم لكذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل عليه الوحي فأمسك أصحابه عن كلامه حين عرفوا أن الوحي قد نزل عليه حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسكوا فأنزل الله عز وجل (والذين يرمون أزواجهم) إلى آخر الآيات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ أبشر يا هلال فإن الله قد جعل لك فرجا فقال لقد كنت أرجو ذلك من الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها فجاءت فلما اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل لها فكذبت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب فقال هلال يا رسول الله بأبي أنت وأمي قد صدقت وما قلت إلا حقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فقال له عند الخامسة يا هلال اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس وإن هذه الخامسة هي الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال هلال والله لا يعذبني الله عليها كما لم يحدني عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ثم قال للمرأة اشهدي فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فقال لها عند الخامسة ووقفها اتقي الله فإن الخامسة موجبة وإن عذاب الله أشد من عذاب الناس فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف ثم قالت والله لا أفضح قومي فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى بأن الولد لها ولا يدعى لأب ولا يرمى ولدها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه \ فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق على الشبه المكروه وكان بعد أميرا على مصر لا يدري من أبوه وقال ابن عباس في سائر الروايات ومقاتل لما نزلت (والذين يرمون المحصنات) الآية فقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر فقام عاصم بن عدي الأنصاري فقال جعلني الله فداك إن رأى رجل منا مع امرأته رجلا فأخبر بما رأى جلد ثمانين جلدة وسماه المسلمون فاسقا ولا تقبل شهادته أبدا فكيف لنا بالشهداء ونحن إذا التمسنا الشهداء كان الرجل فرغ من حاجته ومر وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس بن محصن فأتى عويمر عاصما وقال لقد رأيت شريك بن السمحاء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة الأخرى فقال يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بالسؤال الذي سألت في
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»