حتى إذا ماتت أكلوها (والموقوذة) هي المقتولة بالخشب قال قتادة كانوا يضربونها بالعصا فإذا ماتت أكلوها (والمتردية) هي التي تتردى من مكان عال أو في بئر فتموت (والنطيحة) هي التي تنطحها أخرى فتموت وهاء التأنيث تدخل في الفعيل إذا كان بمعنى الفاعل فإذا كان بمعنى المفعول استوى فيه المذكر والمؤنث نحو عين كحيل وكف خضيب فإذا حذفت الاسم وأفردت الصفة أدخلوا الهاء فقالوا رأينا كحيلة وخضيبة وهنا أدخل الهاء لأنه يتقدمها الاسم فلو أسقط الهاء لم يدر أنها صفة مؤنث أم مذكر ومثله الذبيحة والنسيكة وأكيلة السبع (وما أكل السبع) يريد ما بقي مما أكل السبع وكان أهل الجاهلية يأكلونه (إلا ما ذكيتم) يعني إلا ما أدركتم ذكاته من هذه الأشياء وأصل التذكية الإتمام يقال ذكيت النار إذا أتممت اشتعالها والمراد هنا إتمام فري الأوداج وانهار الدم قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل غير السن والظفر وأقل الذكاة في الحيوان المقدور عليه قطع المري والحلقوم وكما له أن يقطع الودجين معهما ويجوز بكل محدد يقطع من حديد أو قصب أو زجاج أو حجر إلا السن والظفر فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الذبح بهما وإنما يحل ما ذكيته بعدما جرحه السبع وأكل شيئا منه إذا أدركته والحياة فيه مستقرة فذبحته فأما ما صار بجرح السبع إلى حاله المذبوح فهو في حكم الميتة فلا يكون حلالا وأن ذبحته وكذلك المتردية والنطيحة إذا أدركتها قبل أن تصير إلى حالة المذبوح فذبحتها تكون حلالا ولو رمى إلى صيد في الهواء فأصابه فسقط على الأرض ومات كان حلالا لأن الوقوع على الأرض من ضرورته فإن سقط على جبل أو شجر ثم تردى منه فمات فلا يحل وهو من المتردية إلا أن يكون السهم أصاب مذبحه في الهواء فيحل كيف ما وقع لأن الذبح قد حصل بإصابة السهم المذبح (وما ذبح على النصب) قيل النصب جمع واحده نصاب وقيل هو واحد وجمعه أنصاب مثل عنق وأعناق وهو الشيء المنصوب واختلفوا فيه فقال مجاهد و قتادة كانت حول البيت ثلاثمائة وستون حجرا منصوبة كان أهل الجاهلية يعبدونها ويعظمونها ويذبحون لها وليست هي بأصنام إنما الأصنام هي المصورة المنقوشة وقال الآخرون هي الأصنام المنصوبة ومعناه وما ذبح على اسم النصب قال ابن زيد وما ذبح على النصب وما أهل لغير الله به هما واحد قال قطرب على بمعنى اللام أي وما ذبح لأجل النصب (وأن تستقسموا بالأزلام) أي وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام والاستقسام هو طلب القسم والحكم من الأزلام والأزلام هي القداح التي لا ريش لها ولا نصل واحدها زلم وزلم بفتح الزاي وضمها كانت ازلامهم سبعة قداح مستوية من شوحط يكون عند سادن الكعبة مكتوب على واحد نعم وعلى واحد لا وعلى واحد منكم وعلى واحد من غيركم وعلى واحد ملصق وعلى واحد العقل وواحد غفل ليس عليه شئ فكانوا إذا أرادوا أمرا من سفر أو نكاح أو ختان أو غيره أو تداوروا في نسب أو اختلفوا في تحمل عقل جاؤوا إلى هبل وكان أعظم أصنام قريش بمكة وجاؤا بمائة درهم أعطوها صاحب القداح حتى يجيل القداح ويقولون يا إلهنا إنا أردنا كذا وكذا فإن خرج نعم فعلوا وإن خرج لا لم يفعلوا ذلك حولا ثم عادوا إلى القداح ثانية فإذا أجالوا على نسب فإن خرج منكم كان وسيطا منهم
(٩)