مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٥٣٨
الأرض وتخر الجبال هدا) وهددت البقرة إذا أوقعتها للذبح، والهد المهدود كالذبح للمذبوح ويعبر به عن الضعيف والجبان، وقيل مررت برجل هدك من رجل كقولك حسبك وتحقيقه يهدك ويزعجك وجود مثله، وهددت فلانا وتهددته إذا زعزعته بالوعيد، والهدهدة تحريك الصبى لينام، والهدهد طائر معروف، قال تعالى: (ما لي لا أرى الهدهد) وجمعه هداهد، والهداهد بالضم واحد، قال الشاعر:
كهداهد كسر الرماة جناحه * يدعو بقارعة الطريق هديلا هدم: الهدم إسقاط البناء، يقال هدمته هدما. والهدم ما يهدم ومنه استعير دم هدم أي هدر، والهدم بالكسر كذلك لكن اختص بالثوب البالي وجمعه أهدام، وهدمت البناء على التكثير، قال تعالى: (لهدمت صوامع).
هدى: الهداية دلالة بلطف ومنه الهدية وهوادي الوحش أي متقدماتها الهادية لغيرها، وخص ما كان دلالة بهديت وما كان إعطاء بأهديت نحو أهديت الهدية وهديت إلى البيت إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف وقد قال الله تعالى: (فاهدوهم إلى صراط الجحيم - ويهديه إلى عذاب السعير) قيل ذلك استعمل فيه استعمال اللفظ على التهكم مبالغة في المعنى كقوله: (فبشرهم بعذاب أليم) وقول الشاعر:
* تحية بينهم ضرب وجيع * وهداية الله تعالى للانسان على أربعة أوجه، الأول: الهداية التي عم بجنسها كل مكلف من العقل والفطنة والمعارف الضرورية التي أعم منها كل شئ بقدر فيه حسب احتماله كما قال: (ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى)، الثاني: الهداية التي جعل للناس بدعائه إياهم على ألسنة الأنبياء وإنزال القرآن ونحو ذلك وهو المقصود بقوله تعالى:
(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا)، الثالث:
التوفيق الذي يختص به من اهتدى وهو المعنى بقوله تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى) وقوله: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) وقوله:
(إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم) وقوله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا - ويزيد الله الذين اهتدوا هدى - فهدى الله الذين آمنوا - والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم)، الرابع:
الهداية في الآخرة إلى الجنة المعنى بقوله:
(سيهديهم ويصلح بالهم - ونزعنا ما في صدورهم من غل) إلى قوله: (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وهذه الهدايات الأربع مترتبة فإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه، ومن لم تحصل له الثانية
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست