مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٥٩
ولا فسوق) وقد يكرر الكلام في المتضادين ويراد إثبات الامر فيهما جميعا نحو أن يقال ليس زيد بمقيم ولا ظاعن أي يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما نحو أن يقال ليس بأبيض ولا أسود وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله (لا شرقية ولا غربية) فقد قيل معناه إنها شرقية وغربية وقيل معناه مصونة عن الافراط والتفريط. وقد يذكر " لا " ويراد به سلب المعنى دون إثبات شئ ويقال له الاسم غير المحصل نحو لا إنسان إذا قصدت سلب الانسانية، وعلى هذا قول العامة لا حد أي لا أحد.
لام: اللام التي هي للأداة على أوجه، الأول الجارة وذلك أضرب: ضرب لتعدية الفعل ولا يجوز حذفه نحو (وتله للجبين) وضرب للتعدية لكن قد يحذف كقوله (يريد الله ليبين لكم - فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا) فأثبت في موضع وحذف في موضع. الثاني للملك والاستحقاق وليس نعنى بالملك ملك العين بل قد يكون ملكا لبعض المنافع أو لضرب من التصرف فملك العين نحو (ولله ملك السماوات والأرض - ولله جنود السماوات والأرض) وملك التصرف كقولك لمن يأخذ معك خشبا خذ طرفك لآخذ طرفي، وقولهم لله كذا نحو لله درك، فقد قيل إن القصد أن هذا الشئ لشرفه لا يستحق ملكه غير الله، وقيل القصد به أن ينسب إليه إيجاده أي هو الذي أوجده إبداعا لان الموجودات ضربان: ضرب أوجده بسبب طبيعي أو صنعة آدمي، وضرب أوجده إبداعا كالفلك والسماء ونحو ذلك. وهذا الضرب أشرف وأعلى فيما قيل. ولام الاستحقاق نحو قوله (ولهم اللعنة ولهم سوء الدار - ويل للمطففين) وهذا كالأول لكن الأول لما قد حصل في الملك وثبت وهذا لما لم يحصل بعد ولكن هو في حكم الحاصل من حيثما قد استحق. وقال بعض النحويين: اللام في قوله (ولهم اللعنة) بمعنى على أي عليهم اللعنة، وفى قوله (لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم) وليس ذلك بشئ، وقيل قد تكون اللام بمعنى إلى في قوله (بأن ربك أوحى لها) وليس كذلك لان الوحي للنحل جعل ذلك له بالتسخير والالهام وليس ذلك كالوحي الموحى إلى الأنبياء فنبه باللام على جعل ذلك الشئ له بالتسخير. وقوله (ولا تكن للخائنين خصيما) معناه لا تخاصم الناس لأجل الخائنين، ومعناه كمعنى قوله (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) وليست اللام ههنا كاللام في قولك لا تكن لله خصيما، لان اللام ههنا داخل على المفعول ومعناه لا تكن خصيم الله.
الثالث لام الابتداء نحو (لمسجد أسس على
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست