مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٣٣
الحسنى وأيما الأجلين قضيت فلا عدوان على والآية هي العلامة الظاهرة وحقيقته لكل شئ ظاهر هو ملازم لشئ لا يظهر ظهوره.
فمتى أدرك مدرك الظاهر منهما علم أنه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته إذ كان حكمهما سواء، وذلك ظاهر في المحسوسات والمعقولات فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهج ثم وجد العلم علم أنه وجد الطريق وكذا إذا علم شيئا مصنوعا علم أنه لا بد له من صانع.
واشتقاق الآية إما من أي فإنها هي التي تبين أيا من أي. والصحيح أنها مشتقة من التأيي الذي هو التثبت والإقامة على الشئ. يقال تأي أي ارفق. أو من قولهم أوى إليه. وقيل للبناء العالي آية نحو أتبنون بكل ريع آية تعبثون.
ولكل جملة من القرآن دالة على حكم آية سورة كانت أو فصولا أو فصلا من سورة وقد يقال لكل كلام منه منفصل بفصل لفظي آية. وعلى هذا اعتبار آيات السور التي تعد بها السورة. وقوله تعالى: (إن في ذلك لآيات للمؤمنين) فهي من الآيات المعقولة التي تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت منازل الناس في العلم وكذلك قوله: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون) وكذا قوله تعالى: (وكأين من آية في السماوات والأرض) وذكر في مواضع آية وفى مواضع آيات وذلك لمعنى مخصوص ليس هذا الكتاب موضع ذكره وأنما قال: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) ولم يقل آيتين لان كل واحد صار آية بالآخر. وقوله عز وجل: (وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) فالآيات ههنا قيل إشارة إلى الجراد والقمل والضفادع ونحو ها من الآيات التي أرسلت إلى الأمم المتقدمة فنبه أن ذلك إنما يفعل ممن يفعله تخويفا وذلك أخس المنازل للمأمورين، فإن الانسان يتحرى فعل الخير لأحد ثلاثة أشياء: إما أن يتحراه لرغبة أو رهبة وهو أدنى منزلة، وإما أن يتحراه لطلب محمدة وإما أن يتحراه للفضيلة وهو أن يكون ذلك الشئ في نفسه فاضلا وذلك أشرف المنازل.
فلما كانت هذه الأمة خير أمة كما قال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) رفعهم عن هذه المنزلة ونبه أنه لا يعمهم بالعذاب وإن كانت الجهلة منهم كانوا يقولون: (أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) وقيل الآيات إشارة إلى الأدلة ونبه أنه يقتصر معهم على الأدلة ويصانون عن العذاب الذي يستعجلون به في قوله عز وجل (يستعجلونك بالعذاب) وفى بناء آية ثلاثة أقوال، قيل هي فعلة وحق مثلها أن يكون لامه معتلا دون عينه نحو حياة ونواة لكن صحح لامه لوقوع الياء قبلها نحو راية. وقيل هي فعلة إلا أنها قلبت كراهة التضعيف كطائي في طئ.
وقيل هي فاعلة وأصلها آيية فخففت فصار آية
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست