فإن الذكرى تنفع المؤمنين) في آي كثيرة والتذكرة ما يتذكر به الشئ وهو أعم من الدلالة والامارة، قال تعالى: (فما لهم عن التذكرة معرضين - كلا إنها تذكرة) أي القرآن. وذكرته كذا قال تعالى (وذكرهم بأيام الله) وقوله (فتذكر إحداهما الأخرى) قيل معناه تعيد ذكره، وقد قيل تجعلها ذكرا في الحكم. قال بعض العلماء في الفرق بين قوله (فاذكروني أذكركم) وبين قوله (اذكروا نعمتي) أن قوله اذكروني مخاطبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين حصل لهم فضل قوة بمعرفته تعالى فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة، وقوله تعالى (اذكروا نعمتي) مخاطبة لبني إسرائيل الذين لم يعرفوا الله إلا بآلائه فأمرهم أن يتبصروا نعمته فيتوصلوا بها إلى معرفته.
والذكر ضد الأنثى، قال تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) وقال: (آلذكرين حرم أم الأنثيين) وجمعه ذكور وذكران، قال تعالى:
(ذكرانا وإناثا) وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص. والمذكر المرأة التي ولدت ذكرا، والمذكار التي عادتها أن تذكر، وناقة مذكرة تشبه الذكر في عظم خلقها، وسيف ذو ذكر، ومذكر صارم تشبيها بالذكر، وذكور البقل، ما غلظ منه.
ذكا: ذكت النار تذكو اتقدت وأضاءت، وذكيتها تذكية. وذكاء اسم للشمس وابن ذكاء للصبح، وذلك أنه تارة يتصور الصبح ابنا للشمس وتارة حاجبا لها فقيل حاجب الشمس. وعبر عن سرعة الادراك وحدة الفهم بالذكاء كقولهم فلان هو شعلة نار. وذكيت الشاة ذبحتها. وحقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خص في الشرع بإبطال الحياة على وجه دون وجه، ويدل على هذا الاشتقاق قولهم في الميت خامد وهامد وفي النار الهامدة ميتة. وذكى الرجل إذا أسن وحظي بالذكاء لكثرة رياضته وتجاربه، وبحسب هذا الاشتقاق لا يسمى الشيخ مذكيا إلا إذا كان ذا تجارب ورياضات.
ولما كانت التجارب والرياضات قلما توجد إلا في الشيوخ لطول عمرهم استعمل الذكاء فيهم، واستعمل في العتاق، من الخيل المسان وعلى هذا قولهم: جرى المذكيات غلاب.
ذل: الذل ما كان عن قهر، يقال ذل يذل ذلا، والذل ما كان بعد تصعب، وشماس من غير قهر، يقال ذل يذل ذلا.
وقوله تعالى: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) أي كن كالمقهور لهما، وقرئ (جناح الذل) أي لن وانقد لهما، يقال الذل والقل، والذلة والقلة، قال تعالى: (ترهقهم ذلة)