مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ١٥٦
بعده، قال تعالى (ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون) والخلافة النيابة عن الغير إما لغيبة المنوب عنه وإما لموته وإما لعجزه وإما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف الله أولياءه في الأرض، قال تعالى: (هو الذي جعلكم خلائف في الأرض - وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) وقال: (ويستخلف ربى قوما غيركم) والخلائف جمع خليفة، وخلفاء جمع خليف، قال تعالى (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض - وجعلناهم خلائف - وجعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) والاختلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو قوله، والخلاف أعم من الضد لان كل ضدين مختلفان وليس كل مختلفين ضدين، ولما كان الاختلاف بين الناس في القول قد يقتضى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة، قال (فاختلف الأحزاب - ولا يزالون مختلفين - واختلاف ألسنتكم وألوانكم - عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون - إنكم لفي قول مختلف) وقال:
(مختلفا ألوانه) وقال (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات) وقال (فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه - وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا - ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) وقال في القيامة (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون) وقال (ليبين لهم الذي يختلفون فيه) وقوله تعالى: (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) قبل معناه خلفوا نحو: كسب واكتسب، وقيل أتوا فيه بشئ خلاف ما أنزل الله، وقوله تعالى (لاختلفتم في الميعاد) فمن الخلاف أو من الخلف وقوله تعالى:
(وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) وقوله تعالى (ليحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) وقوله تعالى (إن في اختلاف الليل والنهار) أي في مجئ كل واحد منهما خلف الآخر وتعاقبهما، والخلف المخالفة في الوعد، يقال وعدني فأخلفني أي خالف في الميعاد (بما أخلفوا الله ما وعدوه) وقال (إن الله لا يخلف الميعاد) وقال (فأخلفتم موعدي - قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا) وأخلفت فلانا وجدته مخلفا، والاخلاف أن يسقى واحد بعد آخر، وأخلف الشجر إذا اخضر بعد سقوط ورقه، وأخلف الله عليك يقال لمن ذهب ماله أي أعطاك خلفا وخلف الله عليك أي كان لك منه خليفة، وقوله (لا يلبثون خلفك) بعدك، وقرئ خلافك أي مخالفة لك، وقوله: (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) أي إحداهما
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست