مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ١٥٤
إلى حبة القلب من قولهم حببته إذا أصبت حبة قلبه، لكن إذا استعملت المحبة في الله فالمراد بها مجرد الاحسان وكذا الخلة، فإن جاز في أحد اللفظين جاز في الآخر، فأما أن يراد بالحب حبة القلب، والخلة التخلل فحاشا له سبحانه أن يراد فيه ذلك. وقوله تعالى: (لا بيع فيه ولا خلة) أي لا يمكن في القيامة ابتياع حسنة ولا استجلابها بمودة وذلك إشارة إلى قوله سبحانه:
(وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وقوله (لا بيع فيه ولا خلال) فقد قيل هو مصدر من خاللت وقيل هو جمع، يقال خليل وأخلة وخلال والمعنى كالأول.
خلد: الخلود هو تبرى الشئ من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم للأثافي خوالد، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها. يقال خلد يخلد خلودا، قال تعالى: (لعلكم تخلدون) والخلد اسم للجزء الذي يبقى من الانسان على حالته فلا يستحيل ما دام الانسان حيا استحالة سائر اجزائه، وأصل المخلد الذي يبقى مدة طويلة ومنه قيل رجل مخلد لمن أبطأ عنه الشيب، ودابة مخلدة هي التي تبقى ثناياها حتى تخرج رباعيتها، ثم استعير للمبقى دائما. والخلود في الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي عليها من غير اعتراض الفساد عليها، قال تعالى: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون - أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون - ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) وقوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون) قيل مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة، وقيل مقرطون بخلدة، والخلدة ضرب من القرطة، وإخلاد الشئ جعله مبقى والحكم عليه بكونه مبقى، وعلى هذا قوله سبحانه: (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي ركن إليها ظانا أنه يخلد فيها.
خلص: الخالص كالصافي إلا أن الخالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن كان فيه، والصافي قد يقال لما لا شوب فيه، ويقال خلصته فخلص، ولذلك قال الشاعر:
* خلاص الخمر من نسج الفدام * قال تعالى: (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا) ويقال هذا خالص وخالصة نحو داهية وراوية، وقوله تعالى: (فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا) أي انفردوا خالصين عن غيرهم.
وقوله: (ونحن له مخلصون - إنه من عبادنا المخلصين) فإخلاص المسلمين أنهم قد تبرءوا مما يدعيه اليهود من التشبيه والنصارى من التثليث، قال تعالى: (مخلصين له الدين) وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) وقال (وأخلصوا دينهم لله) وهو كالأول وقال (إنه كان مخلصا وكان رسولا
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست