تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٩٦
* (وجعلوا لملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون (19) وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا) * * وليس الجعل هاهنا بمعنى الخلق، إنما هو بمعنى الوصف والتسمية كما يقول القائل: جعل فلان زيدا أعلم الناس أي: وصفه به، وحكم له بذلك، وقرئ: ' عند الرحمن ' وهو عبارة عن القرب والرفعة.
وقوله: * (أشهدوا خلقهم) معناه: أحضروا خلقهم فعرفوا أنهم خلقوا إناثا، وقرئ: (اشهدوا خلقهم) معناه: احضروا.
وقوله: * (ستكتب شهادتهم) وقرئ (سنكتب) بالنون يعنى: [أنهم] يجازون بشهادتهم الكاذبة. وقيل سنكتب ليجاوز.
وقوله: * (ويسألون) أي: يسألون عن شهادتهم يوم القيامة.
قوله تعالى: * (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم) تعلق بهذه الآية القدرية، وقالوا: حكى الله تعالى عن الكفار أنهم قالوا: لو شاء الرحمن ما عبدناهم، ثم عقبه بالإنكار والتهديد فقال: * (ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) أي: يكذبون، وعندكم أن الأمر على ما قالوا. والجواب من وجهين: أحدهما: أن معنى قوله: * (ما لهم بذلك من علم) أي: مالهم بقولهم إن الملائكة بنات الله من علم إن هم إلا يخرصون يعنى: في هذا القول وقد تم الكلام على هذا عند قوله: * (لو شاء الرحمن ما عبدناهم) والإنكار غير راجع إليه، ويجوز أن يحكى من الكفار ما هو حق مثل قوله: * (وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) وهذا القول حق وصدق، فإن قيل: أول الآية وآخرها خرج مخرج الإنكار عليهم فكيف يحكى عنهم ما هو حق؟ والجواب عنه: أنهم قالوا هذا لا على اعتقاد الحق ولكن لدفع القبول عن أنفسهم، وقد كانوا أمروا
(٩٦)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»