* (رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون (5) سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (6) هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن) * * رؤوسهم، وينظرون يمنة ويسرة استهزاء، قيل: هذا في عبد الله بن أبي بن سلول خاصة. قال بعض الصحابة له ذلك فثنى رأسه وحركه استهزاء، فهو معنى قوله: * (لووا رؤوسهم) ويقرأ بالتخفيف. ومعناه: ثنوا رؤوسهم، ومن قرأ بالتشديد فهو تأكيد.
وقوله: * (ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون) أي: يعرضون وهم ممتنعون عن الإيمان.
وقوله: * (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم) ومعناه: أن استغفارك لهم لا ينفعهم، وعندهم أن وجوده وتركه واحد. فإن قيل: كيف أستغفر لهم رسول الله وقد علم أنهم منافقون؟ والجواب: أنه كان يستغفر لهم لأنهم كانوا يأتون يطلبون الاستغفار، ويسألون منه الصفح والعفو، مثل ما ذكرنا في سورة التوبة، ولم يكن ينفعهم؛ لأنهم كانوا كفارا عند الله.
وقوله: * (إن الله لا يهدي القوم الفاسقين) أي: المنافقين، وهم كفار وفساق ومنافقون. وحكى بعضهم عن حذيفة بن اليمان أنه قيل له: من المنافق؟ قال: الذي يصف الإيمان ولا يعمل به. وعن عمر رضي الله عنه قال: إني لا أخاف عليكم مؤمنا تبين إيمانه، ولا كافرا تبين كفره، وإنما أخاف عليكم كل منافق عليم اللسان.
قوله تعالى: * (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) وقرئ في الشاذ ' حتى ينفضوا ' من النفض أي: حتى ينفضوا أوعيتهم فيفتقروا ويتفرقوا.
وقوله: * (هم الذين يقولون) يقال: الواو محذوفة، ومعناه: وهم الذين يقولون، وكذلك في قوله: * (لئن رجعنا إلى المدينة) أي: ويقولون، قال الشاعر: