تعالى: * (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) قال: ' ليس هو طلب دنيا، وإنما هو عيادة مريض، أو شهود جنازة، أو زياح أخ في الله '. والخبر غريب.
وقوله: * (واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) سبب نزول هذه الآية أن رسول الله كان على المنبر يخطب، وقد كان أصاب أهل المدينة غلاء ومجاعة، فقدمت عير تحمل الطعام ويقال: كانت لدحية بن خليفة الكلبي فنزلوا عند أحجار الزيت، وضربوا بالطبل ليعلم الناس، فسمع المسلمون ذلك في المسجد فذهبوا إليها، وبقي النبي مع اثني عشر نفرا فيهم أبو بكر وعمر. وأورد البخاري خبرا في هذا، وأورد هذا العدد. وقيل: في [ثمانية] رجال، والأول أصح، فانزل الله تعالى هذه الآية.
والتجارة معلومة، وهي التجارة في الطعام وتحصيلها، واللهو هو الطبل، قاله مجاهد. ويقال: هو المزامير، وكان الأنصار يستعملون ذلك إذا زفوا امرأة إلى زوجها، وذلك مثل الدف والطبل وما يشبهه، فعلى هذا القول سمع المسلمون صوتها في السوق وكانوا يزفون امرأة فذهبوا إليها، والأول هو المشهور، وهو الثابت.
وقوله: * (وتركوك قائما) لأنه كان يخطب، وفيه دليل على أن السنة أن يخطب قائما، وأول من خطب قاعدا معاوية وتبعه على ذلك مروان. والسنة ما بينا. فإن قال قائل: كيف قال: * (انفضوا إليها) وقد تقدم سببان؛ التجارة واللهو، ولم يقل: ' انفضوا إليهما '؟ والجواب أن معناه: وإذا رأوا تجارة انفضوا إليها، وإذا رأوا لهوا انفضوا إليه، فاكتفى بأحدهما عن الآخر. وقد ذكرنا من قبل أن العرب قد تذكر شيئين وترد الكناية إلى أحدهما، والمراد كلاهما، قال الشاعر: