تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٤٦
* (ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20) وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون (21) وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا) * * قوله تعالى: * (حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) أكثر المفسرين أن الجلود هاهنا هي الفروج، وفي بعض الأخبار: ' أن الله تعالى يحشر العباد مقدمين بالفدام، فأول ما ينطق من جوارح الإنسان فخذه وكفه ' وقيل: إن قوله: * (وجلودهم) هي الجلود المعروفة. وفي الخبر المعروف برواية أنس ' أن النبي ضحك مرة، فسئل: مم ضحكت؟ فقال: عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة فيقول: أي رب، أليس وعدتني أن لا تظلمني؟ فيقول: نعم. فيقول العبد: فإني لا أجيز اليوم شاهدا علي إلا مني، فحينئذ يختم الله على فمه وتنطق جوارحه بما فعله، فيقول العبد: بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أناضل '.
قوله تعالى: * (وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) أي: كل شيء ينطق.
وقوله تعالى: * (وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) أي: تردون.
قوله تعالى: * (وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم) في الأخبار المعروفة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: كنت مستترا تحت ستر الكعبة، فجاء قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي، قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال بعضهم لبعض: أسمع الله ما نقول؟ فقال أحدهم: يسمع إذا جهرنا، ولا يسمع إذا أخفينا، فأنزل الله تعالى: * (وما كنتم تستترون) أي: تستخفون.
وقوله: * (أن يشهد) معناه: من أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»