وإنما ذكروا هذا المعنى؛ لأن الأمر لا يرد إلا بالفعل طوعا. وذكر بعضهم: أن الله تعالى خلق في السماوات تمييزا وعقلا، فخاطبهما وأجابا على الحقيقة، وقد ذكرنا. وأورد بعضهم: أن الخطاب لمن في السماوات والأرض. وفي تفسير النقاش: أن الموضع الذي أجاب من الأرض هو الأردن، وفيه أيضا: أن الله تعالى خلق سبعة عشر نوعا من الأرض، هذا الذي تراه أصغر الكل، وأسكن تلك الأرضين قوما ليسوا بإنس ولا جن ولا ملائكة، والله أعلم.
وقوله: * (قالتا أتينا طائعين) ولم يقل: طائعتين، قالوا: لأن المراد هو السماوات بمن فيها، والأرض بمن فيها. ويقال: لأن السماوات سبع والأرضون سبع، وهذا مروي عن الحسن البصري في الأرض فقال: طائعين لأجل هذا العدد.
قوله تعالى: * (فقضاهن سبع سماوات في يومين) أي: خلقهن. وفي التفسير: أن الله تعالى خلق السماوات يوم الخميس، وخلق الشمس والقمر والكواكب والملائكة وآدم يوم الجمعة، وسميت الجمعة جمعة؛ لأنه اجتمع فيها الخلق. وفي بعض التفاسير: أن الله تعالى خلق آدم في آخر ساعة من ساعات الجمعة، وتركه أربعين سنة ينظر إليه ويثني على نفسه، ويقول: * (تبارك الله رب العالمين) وفي بعض التفاسير أيضا: أن الله تعالى لما خلق الأرض قال لها: أخرجي أشجارك وأنهارك وثمارك فأخرجت، ولما خلق الله السماء قال لها: أخرجي شمسك وقمرك ونجومك فأخرجت.
وقوله: * (وأوحى في كل سماء أمرها) أي: ما يصلحها، ويقال: جعل فيها سكانها من الملائكة.
وقوله: * (وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا) قد بينا.
وقوله: * (وحفظا) أي: وحفظناها حفظا من الشياطين بالشهب والنجوم.
وقوله: * (ذلك تقدير العزيز العليم) أي: تقدير القوى على ما يريد خلقه، العليم بخلقه وما يصلحهم.