تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٢٩٩
* (أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32) أفرأيت الذي) * * وأما قوله: * (فلا تزكوا أنفسكم) قد بينا. وفي تفسير النقاش: أن الرجل من اليهود كان إذا مات له طفل يقول: هو صديق، فأنزل الله تعالى هذه الآية ردا عليهم. ويقال: إن الآية في الرجل يخبر بصومه وصلاته وفعله الخير بين الناس، وقد كان منهم من يقول كذلك فعلنا كذا، وصنعنا كذا، فنهاهم الله تعالى عن ذلك. واعلم أن مدح الرجل نفسه مكروه، وكذلك مدح الرجل غيره في وجهه.
وفي الخبر المعروف: أن رجلا مدح رجلا عند النبي فقال: ' ويلك قطعت عنق أخيك فإن كنت قائلا شيئا، فقل: أحسب فلانا كذا، ولا أزكى على الله أحدا '.
وفي خبر آخر ' احثوا التراب في وجوه المداحين '، رواه المقداد عن النبي.
وقوله: * (هو أعلم بمن اتقى) قد بينا.
قوله تعالى: * (أفرأيت الذي تولى) أي: أعرض عن الإيمان بالله.
وقوله: * (وأعطى قليلا وأكدى) معنى قوله أكدى: أي: قطع عطاءه.
ويقال: أكدى معناه: أجبل. ومنه الكدية، وهي إذا حفر الرجل بئرا فبلغ موضعا لا يمكنه العمل فيه من صخرة وما يشبهها، يقال له: الكدية. ومعنى قوله أجبل أي: بلغ جبلا. وفي التفسير: أن الآية نزلت في الوليد بن المغيرة، ويقال: في العاص بن وائل، كان يحضر مجلس النبي ويستمع إلى القرآن، ثم إن المشركين عيروه فقال: إني أخشى العذاب، فقال له بعضهم: أعطني شيئا أتحمل عنك العذاب يوم القيامة، فأعطاه وتحمل عنه، فعلى هذا قوله: ' أعطى قليلا ' أي: استمع ورغب في الإسلام.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»