تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤١
* (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد (21) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد (22) وقال قرينه هذا ما لدي عتيد (23) ألقيا في جهنم) * * يدخل النار. وفي الأثر المعروف أن أبا بكر رضي الله عنه لما احتضر كانت عائشة عنده فأنشدت:
(لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى * إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر) فقال أبو بكر رضي الله عنه لا تقولي هذا، ولكن قولي: وجاءت سكرة الحق بالموت ' فيقال: إنه زل لسانه، ويقال: هذه قراءته. قالت عائشة: فدعا بصحيفة يستخلف، وكتب وظننت أنه سيستخلف طلحة، وكنت أود ذلك؛ لأن طلحة من أقرباء أبي بكر، فقال: اللهم إني لم آل ولم أوال، فعرفت أنه غير مستخلف إياه.
وقوله: * (ذلك ما كنت به تحيد) أي: تفر وتهرب، ويستحب للمؤمن حب الموت؛ لأنه به يستخلص من الأوزار، ويصل إلى محبوبه إن قدر له خير. وعن بعض السلف: لا يكره الموت إلا مريب. وإنما كره تمني الموت بضر نزل به على ما في الخبر. فأما إذا تمنى الموت ليستخلص من الدنيا وفتنها وشوقا إلى لقاء ربه فهو محبوب.
وقوله: * (ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد) أي: يوم وعيد الكفار ووعد المؤمنين.
قوله تعالى: * (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) السائق: هو الملك، والشهيد: هو العمل، قاله قتادة ومجاهد والضحاك. ويقال: السائق: ملك السيئات، والشهيد: ملك الحسنات. ويقال: السائق: الشيطان، والشهيد: الملك. وقيل في الشهيد: إنه الجوارح.
قوله تعالى: * (لقد كنت في غفلة من هذا) يقال: إن هذا في الكفار؛ لأنهم في الغفلة من الآخرة على الحقيقة. ويقال: في كل غافل.
وقوله: * (فكشفنا عنك غطاءك) أي: كشفنا عنك ما غشيك وغطى سمعك وبصرك وعقلك، حتى لم تسمع ولم تبصر ولم تعقل الحق، وهو في معنى قوله تعالى: * (أسمع بهم وأبصر).
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»