تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٢٤٤
* (بظلام للعبيد (29) يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (30) وأزلفت) * * وقوله: * (وقد قدمت إليكم بالوعيد) أي: بعثت الرسل وأنزلت الكتب وبينت الأمر والنهي والوعد والوعيد. فإن قيل: قد قال في موضع آخر: * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) [و] قال هاهنا * (لا تختصموا لدي) فكيف وجه التوفيق؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أن للقيامة مواطن ومواقف، فهذا في موطن. وذلك في موطن ما على بينا.
والوجه الثاني: أن قوله: * (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) للمؤمنين، وقوله: * (لا تختصموا لدى) للكفار. ويقال إنه يقول لهم لا تختصموا لدى بعد أن اختصموا، واختصامهم ما ذكر في سورة القصص والصافات.
قوله تعالى: * (ما يبدل القول لدي) أي: لا يكذب عندي؛ فإنه لا يخفى على حقيقة الأمور وبواطنها. ويقال: ' ما يبدل القول لدي ' أي: لا يبدل قولي: إن السيئة بمثلها، والحسنة بعشر أمثالها.
وقوله: * (وما أنا بظلام للعبيد) أي: لا أنقص ثواب المحسنين، ولا أزيد في مجازاة المسيئين.
قوله تعالى: * (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) فيه قولان: أحدهما: أن معنى قوله: * (هل من مزيد) أي: قد امتلأت، فلا مزيد في، وحقيقته أنك قد وفيت بما وعدت، وملأتني فلا موضع للزيادة. وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام: ' وهل ترك لنا عقيل من دار ' أي: ما ترك.
والقول الثاني: أن معنى قوله: * (هل من مزيد) أي: طلب الزيادة بقوله تغيظا على الكفار، وطلبا لزيادة الانتقام. والأول أحسن. وقد ثبت برواية أنس وأبي هريرة أن
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 250 ... » »»