* (فاستخف قومه فأطاوه إنهم كانوا قوما فاسقين (54) فلما آسفونا انتقمنت منهم فأغرقناهم أجمعين (55) فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56) ولما ضرب ابن مريم) * * وقوله: * (فاستخف قومه فأطاعوه) أي: حركهم بدعائه إياهم (إلى) باطله، فخفوا معه وأجابوه، ويقال: استفزهم، فأطاعوه بجهلهم.
وقوله: * (إنهم كانوا قوما فاسقين) أي: خارجين عن الطاعة. ويقال: استخف قومه أي: حملهم على خفة الجهل، ومع العقل الوقار، ومع الجهل الخفة.
قوله تعالى: * (فلما آسفونا) أي: أغضبونا وأسخطونا. فإن قيل: الأسف إنما يكون على شيء فائت، والله تعالى لا يفوته شيء؟
والجواب [عنه]: أن معناه الغضب كما بينا، وقال بعضهم: آسفونا أي: فعلوا فعلا لو فعلوه مع مخلوق لكان متأسفا حزينا. وفي بعض الآثار: أن عروة بن الزبير كان جالسا مع وهب بن منبه، فجاء قوم فشكوا عاملهم، وكان العامل حاضرا، فغضب وهب بن منبه وأخذ عصا وشج رأس العامل، فضحك عروة بن الزبير فقال: انظروا إلى هذا ينهى عن الغضب ويغضب؟ فقال وهب: لا، لا تلمني، فإن الله تعالى يغضب وهو خالق الأحلام، ثم قرأ قوله تعالى: * (فلما آسفونا انتقمنا منهم) ومعنى قوله: * (انتقمنا منهم) أي: بالإغراق والإهلاك، وهو معنى قوله: * (فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين) أي: سلفا للكبار ومن بعدهم، ومثلا لمن فعل مثل فعلهم. ومعنى ' مثلا ' أي: عظة وعبرة. وقرئ ' سلفا ' وهو جمع سليف، وقرئ: ' سلفا ' والمعنى في الكل واحد. وعن زيد بن أسلم قال: ما من أحد إلا وله سلف في الخيروالشر.
قوله تعالى: * (ولما ضرب ابن مريم مثلا) أكثر المفسرين على أن هذه الآية نزلت في مخاصمة عبد الله بن الزبعري رسول الله في قوله تعالى: * (إنكم وما