تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٨٦
* (لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون (18) فتبسم ضاحكا من قولها * * وجنوده)? فإنه روى أن سليمان وجنوده كانوا يجتمعون على بساط، والريح تحمل البساط؛ والجواب: يحتمل أنه كان فيهم مشاة، وكانت الأرض تطوى لهم، ويحتمل أن هذا كان قبل تسخير الريح لسليمان والله أعلم. فإن قيل: لم يكن النمل من الطير، وهو كان تعلم منطق الطير؟ والجواب عنه: قال الشعبي: كانت نملا لها أجنحة فيكون طيرا.
وقوله: * (وهم لا يشعرون) قال أهل التفسير: علم النمل أن سليمان ملك ليس له جبرية وظلم، ومعنى الآية: أنكم لو لم تدخلوا المساكن وطئوكم، ولم يشعروا بكم، ولو عرفوا لم يطئوا، وفي القصة [أيضا]: أن سليمان لما بلغ وادي النمل حبس جنده حتى دخل النمل بيوتهم، وفي القصة أيضا: أن سليمان سمع كلام النمل على ثلاثة أميال، وكان الله تعالى أمر الريح أن تأتيه بكل خبر وكل كلام، وفي الآية دليل على أن النمل يكره قتلها، وعن الحسن البصري أنه قال في قوله: * (إن الأبرار لفي نعيم) قال: هم الذين لا يؤدون الذر، وهو صغار النمل. فإن قيل: كيف يصح أن يثبت للنمل مثل هذا العلم؟ والجواب عنه: يجوز أن يخلق الله تعالى فيه هذا النوع من الفهم والعلم، ويقال: إنه أسرع جسة إدراكا، وهو إذا أخذ الحبة من الحنطة قطعها بنصفين لئلا تنبت، وإذا أخذ الكزبرة قطعها أربع قطع؛ لأن الكزبرة إذا قطعت قطعتين تنبت، فإذا قطعت أربع قطع لم تنبت.
قوله تعالى: * (فتبسم ضاحكا من قولها) قال الزجاج: ضحك الأنبياء التبسم.
وقوله: * (ضاحكا) أي: متبسما، ويقال: كان أوله التبسم وآخره الضحك، فإن قيل: لم ضحك؟ والجواب من وجهين: أحدهما: فرحا بثناء النملة عليه، والآخر: سمع عجبا، ومن سمع عجبا يضحك، وربما يغلب في ذلك.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»