* (وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين (19) وتفقد الطير فقال ما * * وقوله: * (وقال رب أوزعني) أي: ألهمني.
وقوله: * (أن أشكر نعمتك التي أنعمت على) يقال: الشكر انفتاح القلب لرؤية المنة، ويقال: هو الثناء على الله تعالى بإنعامه.
قوله: * (وعلى والدي) أي: أباه داود وأمه آيسا.
وقوله: * (وأن أعمل صالحا ترضاه) أي: من طاعتك.
وقوله: * (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) أي: مع عبادك الصالحين الجنة.
قوله تعالى: * (وتفقد الطير) التفقد هو طلب ما قد فقد.
وقوله: * (ما لي لا أرى الهدهد) الهدهد طير معروف، فإن قيل: لم طلبه؟ والجواب من وجهين: أحدهما: أن الطير كانت تظل سليمان وجنده من الشمس، فنظر فرأى موضع الهدهد خاليا تصبيه الشمس منه، فطلب لهذا، والثاني: ما روى عن ابن عباس أن الهدهد كان يعرف موضع الماء في الأرض، وكان يبصر الماء فيها كما يبصر في الزجاجة، وكان يذكر قدر قرب الماء وبعده، فاحتاج سليمان إلى الماء في مسيره، فطلب الهدهد لذلك. فروى أن نافع بن الأزرق كان عند ابن عباس وهو يذكر هذا فقال: يا وصاف انظر ما تقول، فإن الصبي منا يضع الفخ ويحثو عليه التراب، فيجئ الهدهد فيقع في الفخ. فقال له ابن عباس: إن القدر يحول دون البصر، وروى أنه قال: إذا جاء القضاء والقدر ذهب اللب والبصر.
وقوله: * (أم كان من الغائبين) يعني: أكان من الغائبين؟ والميم فيه صلة، كأنه أعرض عن الكلام الأول، وذكر هذا على طريق الاستفهام، ويقال: إنه لما قال: * (مالي لا أرى الهدهد) دخله شك، فقال: أحاضر هو أم غائب؟.