* (ثم أغرقنا الآخرين (66) إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (67) وإن ربك لهو العزيز الرحيم (68) واتل عليهم نبأ إبراهيم (69) إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون (70) قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين (71) قال هل يسمعونكم إذ تدعون (72) أو ينفعوكم أو يضرون (73) قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون (74) قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون (75) أنتم وآباؤكم الأقدمون (76) فإنهم عدو لي إلا رب العالمين (77) الذي خلقني فهو يهدين (78) والذي هو يطمعني * * * قوله: * (إلا رب العالمين) اختلف القول فيه: فأحد القولين: أنهم كانوا يعبدون الأصنام مع الله تعالى، فقال إبراهيم: كل من تعبدون أعداء لي إلا رب العالمين، والقول الثاني: أن هذا استثناء منقطع، كأنه قال: فإنهم عدو لي، لكن رب العالمين وليي، فإن قيل: كيف تكون الأصنام أعداء له وهي جمادات، والعداوة لا توجد إلا من حي عاقل؟
والجواب عنه: قالوا: إن هذا من المقلوب ومعناه: فإني عدو لهم، ويجوز أن يكون معناه: فإنهم عدو لي أي: لا أتوهم، ولا اطلب من جهتهم نفعا، كما لا يتولى العدو ولا يطلب من جهته النفع.
قوله تعالى: * (الذي خلقني فهو يهدين) أي: يرشدني إلى طريق النجاة.
وقوله: * (والذي هو يطعمني ويسقين) أي: يغدى لي بالطعام والشراب، وحقيقة المعنى: أن طعامي وشرابي من جهته، ورزقي من قبله، وقد قال بعض أصحاب الخواطر: يطعمني طعام المودة، ويسقني بكأس المحبة، وقيل: يطعمني ذوق الإيمان، ويسقيني بقبول الطاعة.
وقوله: * (وإذا مرضت فهو يشفين) ذكر إبراهيم - عليه السلام - هذا؛ لأنهم كانوا يرون المرض من الأغذية، والشفاء من الأدوية، وقوله: * (وإذا مرضت) هو استعمال أدب، وإلا فالممرض والشافي هو الله تعالى بإجماع أهل الدين، وقال بعض أصحاب الخواطر: وإذا مرضت بالخوف؛ يشفيني بالرجاء، وقيل: إذا مرضت بالطمع؛ يشفيني بالقناعة.