* (دون الله تريدون (86) فما ظنكم برب العالمين (87) فنظر نظرة إلى النجوم (88) فقال إني سقيم (89) فتولوا عنه مدبرين (90) فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون) * * * قوله تعالى: * (أئفكا آلهة) أي: تطلبون آلهة مؤتفكة، ومعنى تطلبون أي: تطلبون منها ما يطلب من الله تعالى، والإفك: الكذب، ومعنى المؤتفكة: أي كذبتم لأجلها على الله، واخترعتموها من قبل أنفسكم.
قوله تعالى: * ([أئفكا آلهة دون الله تريدون] فما ظنكم برب العالمين) معناه: فما ظنكم برب العالمين إذا لقيتموه، وأي شيء تتوقعون منه، وقد فعلتم ما فعلتم!
قوله تعالى: * (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) قال الخليل والمبرد: تقول العرب لكل من نظر في أمره وتدبر ماذا يفعل قد نظر في النجوم، هذا قول، والقول الثاني: أنه كان نجم يطلع في ذلك الزمان، وكان كل من نظر إليه يزعمون أنه يصيبه الطاعون، ويقال: إنه كان زحل؛ فقوله: * (فنظر نظرة في النجوم) أي: نظر إلى النجم: * (فقال إني سقيم) أي: أصابني الطاعون على ما تزعمون، وكانوا يفرون من المطعون فرارا عظيما، ويزعمون أنه يعدي، ذكره السدي.
والقول الثالث: أن معنى قوله: * (فنظر نظرة في النجوم) أي: فيما نجم له من الأمر أي: ظهر.
والقول الرابع: أن قوله: * (فنظر نظرة في النجوم) أي: ينظر في النجوم على ما ينظر فيه أهل النجوم، وكايدهم بذلك عن دينه، وكانوا أهل نجوم، ويزعمون أن الأحكام تصدر منها، والحوادث تكون عنها؛ فنظر في النجوم، وقال هذه المقالة ليتركوه، ويتوصل بذلك إلى كيد أصنامهم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن علم النجوم كان حقا إلى أن حبست الشمس ليوشع بن نون فتشوش الأمر عليهم، والله أعلم.
وقوله: * (إني سقيم) قد بينا، سقيم أي: سأسقم، ولا بد لكل صحيح أن يسقم، وقيل: يسقم القلب لقبح أفعالكم، وهذا هو إحدى الكذبات الثلاث التي كذبها