تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٤٠١
* (أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62) إنا جعلناها فتنة للظالمين (63) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رؤوس الشياطين (65) فإنهم لآكلون منها) * * * * العاملون.
قوله تعالى: * (أذلك خير نزلا) النزل: هو العطاء الدار، ويقال: النزل هو إصلاح ما ينزل عليهم.
فإن قيل: كيف قال: * (أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم) ولا خير في شجرة الزقوم أصلا؟
الجواب عنه قد سبق وعن مثل هذا، والعرب تقول: تعال ننظر الصلح خير أم الحرب، والفقر خير أم الغنى، والصحة خير أم السقم، وإنما يريد تقرير الأمر للمخاطب أنه لا خير إلا في أحدهما.
وقوله: * (أم شجرة الزقوم) اختلفوا في هذه الشجرة، فالأكثرون أنها شجرة لا يعرف لها مثل في الدنيا، وقال قطرب: هي شجرة مرة خبيثة تكون بتهامة، وقال بعضهم: نبت قاتل.
وفي التفسير: أنه لما نزلت هذه الآية؛ قال أبو جهل: هل تعرفون الزقوم؟ فقال عبد الله بن الزبعري: نعم نعرفه؛ هو بلسان البربر الزبدة والتمر وأورد بعضهم: أنه بلغة اليمن فقال أبو جهل لجاريته: ابغي لنا زبدا وتمرا، فجاءت بذلك، فقال: هو الزقوم الذي خوفكم به محمد، فتزقموا؛ فأنزل الله تعالى * (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) أي: في قعر الجحيم.
وقوله: * (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) فإن قيل: كيف قال: * (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) ورءوس الشياطين لم يرها أحد، ولا يجوز التعريف إلا بما يعرف؟
والجواب عنه: أنه كان مستقرا في النفوس قبح رؤوس الشياطين، وأن جميعهم على أقبح صورة؛ فشبه بها على ما استقر في النفوس، قال الشاعر:
(يقاتلني والمشرفي مضاجعي * ومسنونة زرق كأنياب أغوال)
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 ... » »»