* (لخبير بصير (31) ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير (32) جنات) * * قوله تعالى: * (والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه) أي: من الكتب المتقدمة.
وقوله: * (إن الله بعباده لخبير بصير) أي خبير بما في ضمائرهم، بصير [بأفعالهم].
قوله تعالى: * (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) الأكثرون على أن المراد من قوله: * (الذين اصطفينا من عبادنا) هذه الأمة، وعن بعضهم: أن المراد منه الأنبياء، وعن بعضهم: أن المراد منه بنو إسرائيل، والقول الأول هو المشهور.
وقوله: * (وأورثنا الكتاب) المراد من الكتاب: هو القرآن.
ومعنى الآية: أي انتهى إليهم الأمر بإنزالنا عليهم القرآن، وبإرسالنا محمدا إليهم.
وقوله: * (فمنهم ظالم لنفسه) اختلف القول في المراد بالظالم، فقال بعضهم: المراد بالظالم هو الكافر، ذكره الكلبي وغيره. وعن بعضهم: أن المراد منه المنافق، فعلى هذا لا يدخل الظالم في قوله: * (جنات عدن يدخلونها) وقد روي هذا القول أيضا عن ابن عباس أنه حمل الظالم على الكافر.
والقول المشهور أن الظالم لنفسه من المؤمنين، وعلى هذا يستقيم نسق الآية، وعلى القول الأول يحمل قوله: * (الذين اصطفينا من عبادنا) على الاصطفاء في الخلقة وإرسال الرسول وإنزال الكتاب، وعلى القول الثاني يحمل الاصطفاء على الزيادة التي جعلها الله تعالى لهذه الأمة من بين سائر الأمم. وقد روى شهر بن جوشب أن عمر رضي الله عنه قال: سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: السابق هم الذين مضوا على عهد النبي، والمقتصد هم الذين اتبعوهم، والظالم مثلي ومثلك، تقول ذلك للمخاطب.