تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٤
* (الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (56) إن) * * وقوله تعالى: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الصلاة من الله بمعنى الرحمة والمغفرة، والملائكة والمؤمنين بمعنى الدعاء.
قال ثعلب: قول القائل: اللهم صل على محمد أي: زده بركة ورحمة، وأصل الصلاة في اللغة الدعاء، وقد بينا من قبل. وقد ثبت عن النبي أنه قال: ((صلى على مرة صلى الله عليه عشرا)).
وفي بعض الأخبار: ((أن جبريل عليه السلام لما نزل بهذا سجد الرسول الله شكرا)).
وقد ثبت برواية كعب بن عجرة أنه قال: يا رسول الله، قد عرفنا السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: ((قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)).
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: إذا صليتم على رسول الله فأحسنوا الصلاة عليه؛ فلعلها تعرض عليه؛ قالوا له: فعلمنا. قال: قولوا اللهم صل على محمد عبدك ونبيك، سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون @ 305 @ * (الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) والآخرون.
وروى الأصمعي قال: سمعت المهدي وهو محمد بن عبد الله بن جعفر المنصوري على منبر البصرة يقول: إن الله تعالى أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته، فقال: * (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
وأما السلام على الرسول فهو أن تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هذا في حق أصحاب رسول الله، وكانت السنة لهم أن يواجهوا الرسول على هذا الوجه، فأما في حق سائر المؤمنين ففي التشهد يقول على ما هو المعروف.
وقد ذكر بعض العلماء أنه يقول في التشهد: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته. ولا يقول: عليك.
والصحيح ما بينا، وإنما خارج المصلى، فإنه يقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته.
ويستدل بهذه الآية في وجوب الصلاة على النبي إذا صلى، على ما هو مذهب الشافعي رحمه الله ووجه الاستدلال: أن الله تعالى أمرنا بالصلاة على النبي، وأولى موضع بوجوب الصلاة فيه هو الصلاة. فوجب في الصلاة، أن يصلي على رسول الله.
قوله تعالى: * (إن الذين يؤذون الله ورسوله) قد ثبت عن النبي أنه قال: ' يقول الله تعالى: يشتمني عبدي، وما ينبغي له أن يشتمني، ويكذبني عبدي، وما ينبغي له أن يكذبني. أما شتمه إياي هو أن يزعم أني اتخذت ولدا. وأما تكذيبه إياي هو أنه يزعم أني لن أعيد خلقي، وأنا المبدئ المعيد '.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 306 307 308 309 310 ... » »»