تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٣
* (عذاب شديد (2) الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد (3) وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين) * * عذاب شديد) أي: عذاب عظيم.
قوله: * (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة) معناه: الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، ومعنى الإيثار: هو طلب الدنيا من غير نظر للآخرة، وذلك بأن يأخذ من حيث يجد، ولا يبالي أنه حرام أو حلال. وقد روي عن النبي أنه قال: ' يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء أخذ الدنيا بحلال أو بحرام '.
وقوله: * (ويصدون عن سبيل الله) يعني: يمتنعون عن قبول دين الله، ويمنعون الناس عن قبوله. * (ويبغونها عوجا) العوج في الدين، والعوج في الرمح والحائط، ومعنى الآية: ويطلبون دين الله زيغا، وقيل: ويطلبون سبيل الله جائرين عن القصد، وقيل: يطلبون لمحمد الهلاك، ويقال: إن الكناية راجعة إلى الدنيا، ومعناه: يطلبون الدنيا على طريق الميل عن الحق، وذلك هو بجهة الحرام على ما قلناه.
وقوله: * (أولئك في ضلال بعيد) أي: في خطأ طويل.
قوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) والحكمة في هذا: هو أنه إذا أرسله بلسان قومه عقلوا قوله، وفهموا عنه، فإن قال قائل: إن الله تعالى بعث النبي إلى كل الخلق على ما قال: ' بعثت إلى الأحمر والأسود ' ولم يبعث بلسان كل الخلق؟.
والجواب عنه: أن سائر الخلق تبع العرب في الدعوة، وقد بعث بلسانهم ثم إنه بعث بالرسل إلى الأطراف يدعونهم إلى الله، وترجم لهم قوله.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»