تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٨٨
* (الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال (17) للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم) * * وقوله: * (زبد مثله) أي: زبد مثل زبد الماء * (كذلك يضرب الله الحق والباطل) أي: كذلك يبين الله الحق والباطل بضرب المثل، ثم قال: * (فأما الزبد فيذهب جفاء) يعني ضائعا باطلا، يقال: أجفأت القدر، إذا زبدت من جوانبها، وذهب الزبد. وذكر أبو زيد اللغوي أن رؤبة بن العجاج قرأ: ' فأما الزبد فيذهب جفالا ' والمعنى قريب من الأول.
وقوله: * (وأما ما ينفع الناس فيمكث) يعني: الماء والذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر والنحاس. قوله: * (فيمكث في الأرض) أي: يبقى ولا يذهب.
وقوله * (كذلك يضرب الله الأمثال) جعل هذا مثلا للحق والباطل في القلوب، يعني: أن الباطل كالزبد يذهب ويضيع ويهلك، والحق كالماء وكهذه الأشياء يمكث ويبقى في القلوب، وقال بعضهم: هذا تسلية للمؤمنين، يعني أن أمر المشركين كذلك الزبد، يرى في الصورة شيئا ثابتا وليس له حقيقة. وأمر المؤمنين كالماء المستقر في مكانه، فله الثبات والبقاء، يقال: للباطل جولة، وللحق دولة.
قوله تعالى: * (للذين استجابوا لربهم الحسنى) الآية، قد بينا أن الاستجابة والإجابة بمعنى واحد. وقوله: * (الحسنى) الأكثرون أنها الجنة، وقيل: هو الرزق والعافية في الدنيا والنعيم في الآخرة، والحسنى فعلى من الحسن.
وقوله: * (والذين لم يستجيبوا له) أي: لم يجيبوا له. وقوله: * (لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به) يعني: لبذلوا ذلك افتداء من النار.
وقوله: * (أولئك لهم سوء الحساب) روي عن إبراهيم النخعي أنه قال لفرقد: يا فريقد، أتدري ما سوء الحساب؟ هو أن يحاسب على جميع الذنوب ولا يغفر منها شيئا. وقد صح عن النبي برواية عائشة - رضي الله عنها -: ' من نوقش الحساب
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»