* (والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار (16) أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله) * * والنور) أي: كما لا يستوي الأعمى والبصير والظالمات والنور؛ فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر والإيمان والكفر.
وقوله: * (أم جعلوا لله شركاء) يعني: أجعلوا لله شركاء * (خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم) أي: اشتبه ما خلقوه بما خلقه الله، ومعنى الآية: أنهم كما عرفوا أن الأصنام لا تخلق كخلق الله؛ فلا ينبغي أن تعبد كعبادة الله.
وقوله: * (قل الله خالق كل شيء) ظاهر المعنى. وقوله * (وهو الواحد القهار) الواحد: هو الشيء الذي لا ينقسم، وقد يكون شيئين لا ينقسم في معنى، ويسمى واحد، مثل قولهم: دينار واحد؛ لأنه لا ينقسم في الدينارية. والقهار: الغالب الذي لا يغلبه شيء، وفي بعض الأخبار: ' سبحان من تعزز بقدرته وقهر عباده بالموت '.
قوله تعالى: * (أنزل من السماء ماء) هذا مثل ضربه الله في القرآن، وضرب الأودية مثلا للقلوب، فقوله: * (أنزل من السماء ماء) أي: مطرا * (فسالت أودية بقدرها) قرئ: ' بقدرها '، قرأها أبو الأشهب العقيلي، والمعنى: بقدرها من الصغر والكبر، وكذلك القلوب تحمل القرآن بقدرها من الضيق والسعة.
وقوله: * (فاحتمل السيل زبدا رابيا) الزبد: هو الخبث الذي يظهر على وجه الماء، وكذلك على وجه القدر، وكذلك على فم البعير. وقوله: * (رابيا) أي: طافيا عاليا تم المثل الأول هاهنا. ثم ذكر مثلا ثانيا، وهو قوله تعالى * (ومما يوقدون عليه في النار) ومن الذي توقدون عليه، الإيقاد: جعل النار تحت الشيء ليذوب.
وقوله: * (ابتغاء حلية) معناه: لطلب الحلية، والذي أوقد عليه هاهنا هو الذهب والفضة؛ لأن الحلية تطلب منهما. وقوله: * (أو متاع) معناه: أو طلب متاع، وذلك من الصفر والنحاس وغيره يوقد عليها، والمتاع: هو الأواني المتخذة من هذه الأشياء.