تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٣٩٥
بعده نبي، وقال غيره: يجوز كما يجوز على سائر الأنبياء. وقد روي ' أن امرأة أتت النبي وقالت: إن زوجي توفي فأين أعتد؟ فقال لها: اعتدي أين شئت، فلما ولت دعاها وقال: سبحان الله امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب ' والخبر غريب.
وروي أن رجلا أتى النبي وقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت صابرا محتسبا، هل يحجزني من الجنة شيء؟ قال: لا، ثم دعاه وقال: ' إلا الدين، سارني به جبريل ' وهو خبر معروف، والخبران يدلان على أنه يجوز أنه يخطئ، إلا أنه لا يقرر عليه.
والقول الثاني في أصل الحكومة: هو أن داود وسليمان - عليهما السلام - حكما بالوحي، إلا أن ما حكم به داود كان منسوخا، والذي حكم به سليمان كان ناسخا، وقال هؤلاء القوم: لا يجوز للنبي أن يجتهد في الحوادث؛ لأنه مستغن بالوحي عن الاجتهاد، وقد قال الله تعالى: * (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)، والأول هو الأصح.
وأما حكم هذه المسألة في شريعتنا: فاعلم أن ما أفسدت الماشية بالليل عندنا مضمون على صاحبها، وما أفسدت بالنهار فلا ضمان، والحجة فيه ما روى الزهري، عن حرام بن محيصة عن أبيه: ' أن ناقة البراء بن عازب دخلت حرث قوم فأفسدته، فارتفعوا إلى النبي فقضى بأن حفظ الماشية على أربابها ليلا، وأن حفظ الحرث على أربابها نهارا ' وهذا أحسن حكم يكون؛ لأن العادة جرت أن المواشي تحفظ
(٣٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 ... » »»