تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٣٩
* (كيد الخائنين (52) وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم (53) وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم) * * وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) ومعناه: إنه لا يوضح ولا يرشد كيد الخائنين. فإن قال قائل: كيف دخل قول يوسف في وسط هذا الكلام، وإنما المذكور كلام جرى بين الملك والنسوة؟!
قلنا: اعتراض كلام آخر بين كلام. جائز على لغة العرب؛ قال الله تعالى في قصة سليمان حكاية عن بلقيس: * (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) كلام الله تعالى اعتراض في الوسط ومنهم من قال: وفي [الآية] تقدير من التقديم والتأخير، معناه: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم؛ ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، ثم يرتب على هذا في المعنى قوله: * (ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه).
قوله تعالى: * (وما أبرىء نفسي) الآية. روي: ' أن جبريل عليه السلام قال ليوسف حين قال: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب. [فقال له]: ولا حين هممت '. وروي أنه قال: حين حللت التكة. فقال يوسف: (وما أبرىء نفسي) * (إن النفس لأمارة بالسوء) يعني: إن النفس كثيرة الأمر بالسوء: السوء هاهنا هو المعصية. وقوله: * (إلا ما رحم ربي) قيل: إلا من رحم ربي، وفيه معنيان؛ أحدهما: أنه أشار إلى حالة العصمة عند رؤية البرهان. والقول الثاني: إلا من رحم ربي: هم الملائكة؛ فإن الله تعالى لم يركب فيهم الشهوة وخلقهم على العصمة من الهم وغيره.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»