* (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين (32) قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب) * * ثم صرحت بما فعلت (وقالت): * (ولقد راودته عن نفسه) وإنما صرحت بذلك لأنها علمت أنه لا ملامة عليها منهن بعد ذلك وقد أصابهن ما أصابهن من رؤيته. وقوله تعالى: * (فاستعصم) أي: امتنع. وقوله: * (ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن) يعني: ليعاقبن بالحبس. وقوله: * (وليكونا من الصاغرين) أي: (ليكونن) من المستحقرين والمستذلين. وعن وهب بن منبه: أن أولئك النسوة عشقنه وماتت جماعة منهن من عشقه.
قوله تعالى: * (قال رب السجن أحب إلي) وقرئ في الشاذ: ' رب السجن ' وهو الحبس، والسجن موضع الحبس * (مما يدعونني إليه) يقال: لو لم يقل هذا لم يبتل بالسجن. وفي بعض الأخبار: ' البلاء موكل بالمنطق '، والأولى بالمرء أن يسأل الله العافية.
وقوله: * (مما يدعونني إليه) فيه قولان: أحدهما: أن الدعاء كان منها خاصة؛ لكنه أضاف إلى جميع النسوة خروجا من التصريح إلى التعريض.
والقول الثاني: أنهن جميعا دعينه إلى أنفسهن.
وقوله: * (وإلا تصرف عني كيدهن) معناه: وإلا تصرف عنى شرهن * (أصب إليهن) أي: أمل إليهن. قال الشاعر:
(حتى متى تصبو ورأسك أشمط * أظننت أن الموت باسمك يغلط) وقوله: * (وأكن من الجاهلين) هذا دليل على أن المؤمن إذا ارتكب ذنبا يرتكب عن جهالة، وقيل معناه: وأكن من المذمومين كما يذم الإنسان بفعل ما يقدم عليه جاهلا.