تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٣١
* (قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون (37) واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى) * * إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما) فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا تدعوان بطعام من منازلكما إلا نبأتكما بقدره ولونه وطعمه والوقت الذي يصل إليكما فيه قبل أن يصل إليكما؛ وهذه المعجزة مثل معجزة عيسى - عليه السلام - وقوله: * (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم).
والقول الثاني: أنه كان من رسم الملك إذا أراد أن يقتل إنسانا يبعث إليه بطعام معروف عندهم، وإذا أراد أن يكرم إنسانا بعث إليه بطعام معروف عندهم؛ فهذا معنى قوله: * (لا يأتيكما طعام ترزقانه).
والقول الثالث: لا يأتيكما طعام ترزقانه في المنام إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة، فقالوا: من أين لك ذلك، أتتكهن أم تتنجم؟ فقال: لا؛ ولكن مما علمني ربي. فهذا معنى قوله * (ذلكما مما علمني ربي). وقوله: * (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون) ظاهر.
ثم قال: * (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) أظهر أنه نبي وأنه من ولد الأنبياء. وقوله: * (ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء) معناه: أن الله قد عصمنا من الإشراك به. وقوله: * (ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس) يعني به: ما أقام من الدليل وبين من الهدى. وقوله: * (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) ظاهر المعنى.
ثم زاد في الدلالة على التوحيد فقال: * (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) وسماهما: صاحبي السجن؛ لأنهما كانا في السجن، وقوله * (أأرباب متفرقون) أي: أملاك متباينون هذا [من] ذهب، وهذا من فضة، وهذا من نحاس، وهذا من خشب، وقيل: هذا أعلى، وهذا أوسط، وهذا أدنى، وقوله: * (خير أم الله الواحد القهار) الواحد الغالب على كل شيء، والمراد، نفي الخيرية منهم أصلا، وقد ذكرنا
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»