تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ٢٠٥
* (الخاسرون (109) ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (110) يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل) * * قوله تعالى: * (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد فتنوا) نزلت الآية في قوم كانوا بقوا بمكة من المسلمين، وعذبهم المشركون حتى ذكروا كلمة الكفر بلسانهم، منهم عمار وخباب وصهيب وغيرهم.
وقوله: * (من بعد ما فتنوا) أي: عذبوا حتى وقعوا في الفتنة، ثم إنهم بعد ذلك هاجروا، ولحقوا بالنبي. وقوله: * (ثم جاهدوا وصبروا) يعني: على الجهاد والإيمان.
وقوله: * (إن ربك من بعدها لغفور رحيم) أي: من بعد فعلتهم التي فعلوها من إعطاء الكفار بعض ما أرادوا منهم.
فإن قال قائل: إذا كان ذلك رخصة، فلا يحتاج إلى المغفرة والرحمة؟ والجواب: أنه يحتمل أنهم فعلوا ما فعلوا ذلك قبل نزول الرخصة.
قوله تعالى: * (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها). فإن قيل: كيف قال: تجادل، وقد سبق ذكر كل، ولفظ كل مذكر؟
والجواب عنه: أنه عاد كلمة كل على المؤنث؛ فلهذا المعنى أنث، وهذا كما يقال: كل امرأة قائمة، وما أشبه هذا.
وقوله: * (تجادل عن نفسها) أي: تخاصم عن نفسها، ومجادلتهم هي قولهم: والله ربنا ما كنا مشركين، وقولهم: ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك، وما أشبه هذا من الأقوال التي ذكرت في القرآن.
وقيل: تجادل عن نفسها: تدفع عن نفسها. وروي عن كعب الأحبار أنه قال: تزفر جهنم يوم القيامة زفرة، فلا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل إلا خر وجثى على ركبتيه، ويقول: نفسي نفسي حتى إبراهيم خليل الرحمن فيقول: ربي لا أريد إلا نجاة نفسي، قال كعب: وهو في كتاب الله تعالى: * (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها).
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»