تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٣ - الصفحة ١٩٣
* (وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون (81) فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين (82) يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون (83)) * * وقوله: * (وسرابيل تقيكم بأسكم) أي: الدروع، والبأس هو ما يقع به البأس، وهو السلاح. وقوله: * (كذلك يتم نعمته عليكم) يعني: منته عليكم. وقوله: * (لعلكم تسلمون) أي: تؤمنون، وعن ابن عباس أنه قرأ: ' لعلكم تسلمون ' والقراءة غريبة.
فإن قيل: كيف ذكر هذه النعم من الجبال والظلال والسرابيل والقمص والأوبار والأصواف، ولله تعالى نعم كثيرة فوق هذا لم يذكرها؟ فما معنى تخصيص هذه النعم وترك ما فوقها؟
والجواب عنه: أن العرب كانوا أصحاب أنعام، وكانوا أهل جبال، وكانت بلادهم حارة؛ فذكر من النعم ما يليق بحالهم، وكانت هذه النعم عندهم فوق كل نعمة؛ فخصها بالذكر لهذا المعنى، وعن قتادة: أن هذه السورة تسمى سورة النعم.
قوله تعالى: * (فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين) هذه تسلية للنبي ومعناه: أنهم إن أعرضوا فلا يلحقك في ذلك عتب ولا سمة تقصيرا؛ فإنما عليك البلاغ وقد بلغت.
قوله تعالى: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) قال السدي: هو محمد، وعلى هذا جماعة من أهل التفسير، ويقال: إن معناه الإسلام. وروي عن ابن عباس أن معنى الآية: أنه كان إذا قيل لهم: من أعطاكم هذه النعم؟ فيقولون: الله، فإذا قيل لهم: فوحدوه؛ فيقولون: أعطينا بشفاعة آلهتنا.
وعن قتادة: أنهم يقرون أن النعم من الله، ثم إذا قيل لهم: تصدقوا، وامتثلوا فيها أمر الله تعالى، قالوا: ورثناها من آبائنا.
وعن عون بن عبد الله قال: إنكار النعمة هو أن يقول: لولا كذا لأصبت كذا، ولولا فلان لأصابني كذا. وعن الحسن البصري قال: النعم ستة: محمد،
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»