تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٨٩
* (مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين (6) ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين (7) وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا) * * وقوله: * (مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) أي: أعطيناهم ما لم نعطكم.
* (وأرسلنا السماء عليهم مدرارا) أي: متتابعا، قال الشاعر:
(وسقاك من نوء الثريا * مزقة عن الحلب وابلا مدرارا) أي: متتابعا، قال ابن عباس: معناه: وأرسلنا السماء عليهم مدرارا: أي: متتابعا في أوقات الحاجات، ولم يرد به: التوالي على الدوم * (وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين).
قوله - تعالى -: * (ولو أنزلنا عليك كتابا في قرطاس) سبب هذا: أن عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخا أم سلمة، قال لرسول الله: لن نؤمن بك حتى تنزل علينا صحيفة من السماء جملة فنزل قوله: * (ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس). والقرطاس: ما يكون مكتوبا، فإذا لم يكن مكتوبا سمي: طرسا * (فلمسوه بأيديهم) فإن قال قائل: لم لم يقل: فرأوه بأعينهم؟ قيل: لأن اللمس أبلغ في إيقاع العلم من الرؤية؛ لأن السحر يجري على المرئي، ولا يجري على الملموس؛ لأن الملموس يصير مرئيا، والمرئي لا يصير ملموسا؛ فذكر اللمس ليكون أبلغ.
* (لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) ومعناه: أنه لا ينفع معهم شيء فإنا وإن أنزلنا عليهم ما اقترحوا قالوا إن هذا إلا سحر مبين.
قوله - تعالى -: * (وقالوا لولا أنزل عليه ملك) وهذا قول عبد الله بن أبي أمية المخزومي (اقترح) إنزال ملك * (ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر) قال مجاهد: معناه : لقامت القيامة، وقيل: معناه: لاستؤصلوا بالعذاب، وهذه سنة الله في الكفار؛ أنهم
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»