تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٤٢٧
* (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون (36) واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون (37)) * * مات، فيخرج في اليوم الثاني ويدعوهم إلى الله؛ فروي أن شيخا جاء يتوكأ على عصا ومعه ابنه فقال: يا بني لا يغرنك هذا الشيخ المجنون، فقال: يا أبة، أمكني من العصا، فدفع إليه العصا، فضرب نوحا على رأسه وشجمة شجة منكرة حتى سالت الدماء منه، وهو يدعوهم إلى الإيمان، فأنزل الله تعالى: * (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن) فحينئذ استجار بالدعاء وقال: * (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا). وقوله: * (فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) قال مجاهد وقتادة: فلا تحزن. قال أهل اللغة: الابتئاس: حزن مع استكانة، قال الشاعر:
(ما يقسم الله فاقبل غير مبتئس * منه واقعد كريما ناعم البالي) قوله تعالى: * (واصنع الفلك بأعيننا) عن ابن عباس قال: بمرأى منا.
وعن الضحاك: بمنظر منا. وقيل: برؤيتنا وحفظنا. وفي القصة: أن جبريل - عليه السلام - أتى نوحا - عليه السلام - فقال: إن ربك يأمرك أن تصنع الفلك. قال: كيف أصنع ولست بنجار؟! فقال: إن ربك يقول: اصنع الفلك فأنت بعيني. فأخذ القدوم وجعل يصنع الفلك فلا يخطئ موضعا.
وقوله: * (ووحينا) أي: وأمرنا. وقوله: * (ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون) فيه قولان:
أحدهما: ولا تخاطبني في إمهال الكفار، فإني قد حكمت بإغراقهم.
والثاني: لا تخاطبني في ابنك؛ فإنه هالك مع القوم.
قوله تعالى: * (ويصنع الفلك) روي عن زيد بن أسلم أنه قال: مكث نوح مائة سنة يغرس الأشجار ويقطع، ومكث مائة سنة يعمل الفلك. وعن كعب الأحبار أنه قال: إن نوحا عمل السفينة في ثلاثين سنة. وروي عن سلمان الفارسي: أن نوحا
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»