* (الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (21) لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون (22) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (23) مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل) * * أعظم الخسران، خسران النفس، وأعظم الربح: ربح النفس. وقوله: * (وضل عنهم ما كانوا يفترون) يعني: فات عنهم ما كانوا يزعمون من شفاعة الملائكة والأصنام.
قوله تعالى: * (لا جرم) فيه قولان:
أحدهما: لاجرم يعني: حقا * (أنهم في الآخرة هم الأخسرون) والقول الثاني: أن قوله: * (لا) رد لما قالوا، وقوله: * (جرم) ابتداء كلام، وجرم بمعنى: كسب، قال الشاعر:
(ولقد طعنت أبا عيينة طعنة * جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا) يعني: كسبتهم الغضب. وقال آخر:
(نصبنا رأسه في رأس جذع * بما جرمت يداه وما اعتدينا.) فمعنى الآية: جرم أي: كسب لهم كفرهم التباب والخسران.
قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم) قال مجاهد: يعني: خشعوا. وقال بعضهم: اطمأنوا. وروي عن ابن عباس: خافوا. وقوله: * (إلى ربهم) أي: لربهم، مثل قوله تعالى * (بأن ربك أوحى لها) أي: إليها، فكذلك هاهنا: إلى ربهم.
وقوله: * (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ظاهر المعنى.
قوله تعالى: * (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) الآية، الفريقان هاهنا: فريق الكفار، وفريق المؤمنين. وقوله: * (كالأعمى والأصم) فيه قولان:
أحدهما: أن ' الواو ' صلة، ومعناه: كالأعمى الأصم، كما يقول القائل: رأيت العاقل والظريف أي: رأيت العاقل الظريف.