تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٤٣٠
* (إلا من سبق عليه القول ومن آمن معه إلا قليل (40) وقال اركبوا فيها بسم الله) * * وقوله: * (من كل زوجين اثنين) الزوج كل واحد لا يستغني عن مثله، يقال: زوج خف، وزوج نعل، والمراد من الزوجين هاهنا: الذكر والأنثى، ومعناه: من كل ذكر وأنثى اثنين.
وفي القصة: أن نوحا - عليه السلام - قال: يا رب، كيف أحمل من كل زوجين اثنين؟ فحشر الله تعالى السباع والطير إليه، فجعل يضرب بيديه في كل جنس، فيقع الذكر في يده اليمنى والأنثى في يده اليسرى فيحملها في السفينة. وذكر وهب بن منبه أن الناس شكوا الفأر إلى نوح في السفينة، فأمره الله تعالى أن يمسح جبهة الأسد، فخرج من منخريه سنوران فأكلا الفأر، وشكوا إليه أيضا كثرة العذرة فأمره أن يمسح على مؤخر الفيل، فخرج منه خنزيران فأكلا العذرة.
وقوله تعالى: * (وأهلك) معناه: واحمل أهلك * (إلا من سبق عليه القول) يعني: ابنه وامرأته. وقوله: * (ومن آمن) معناه: وأحمل من آمن.
وقوله: * (وما آمن معه إلا قليل) اختلفوا في عددهم، روي عن ابن عباس أنه قال: كانوا ثمانين نفرا. وعن بعضهم: كانوا اثنين وسبعين نفرا. وعن الأعمش قال: كانوا سبعة نفر: ثلاثة بنين لنوح وهم: سام، وحام، ويافث وثلاث كنائنهم - يعني: نساؤهم -، ونوح. وقال قتادة: كانوا ثمانية نفرا.
قوله تعالى: * (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسيها) بفتح الميمين، وقرأ أبو رجاء العطاردي: ' مجريها ومرسيها ' بالرفع.
أما معنى قوله: * (مجريها ومرسيها) يعني: بسم الله إجراؤها وإرساؤها، ومعنى مجريها ومرسيها بالنصب يعني: بسم الله جريها ورسوها. وقال بعضهم: كان إذا قال نوح: بسم الله وأراد الجري جرت، وإذا قال: بسم الله وأراد الرسو رست.
وأما مدة لبث نوح في السفينة: قالوا: استقلت السفينة على وجه الماء لعشر خلون من رجب، وجرت مائة وخمسين يوما، وأرست لعشر خلون من ذي الحجة، وهبطوا
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»