* (فكان من المغرقين (43) وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين (44) ونادى نوح ربه فقال رب) * * ففيه قولان:
أحدهما: أن العاصم بمعنى المعصوم، ومعناه: لا معصوم اليوم من أمر الله إلا من رحم.
والقول الثاني: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا الله.
قوله تعالى: * (إلا من رحم) هو الله تعالى. وقوله * (وحال بينهما الموج فكان من المغرقين) أي: صار من المغرقين.
وفي القصة: أن الماء علا على رؤوس الجبال بقدر أربعين ذراعا. وقيل: دونه، والله أعلم.
قوله تعالى: * (وقيل يا أرض ابلعي ماءك) معناه: اشربي ماءك، ويقال: ابلعي أي: غيبي ماءك في جوفك. وقوله: * (ويا سماء أقلعي) أي: أمسكي. وقوله: * (وغيض الماء وقضى الأمر) معناه: ونقص الماء ونضب. وقوله: * (وقضي الأمر) أي: فرغ من الأمر، وهو هلاك القوم. وقوله: * (واستوت على الجودى) معناه: واستقرت على الجودى، قيل: إنه جبل بناحية آمد. وقال الفراء: جبل بناحية نصيبين. وقوله: * (وقيل بعدا للقوم الظالمين) أي: هلاكا للقوم الظالمين.
وفي مصحف ابن مسعود - رضي الله عنه -: ' وغيض الماء واستوت على الجودي وقضي الأمر '.
وروي أن نوحا - صلوات الله عليه - بعث بالغراب ليأتيه بخبر الأرض، فوقع على جيفة ولم يرجع، فبعث بالحمامة فجاءت بورق زيتونة في منقارها ولطخت رجليها بالطين؛ ليعلم نوح أن الماء قد نضب، فأعطيت الطوق [وخضاب] الرجلين من ذلك الوقت.
وهذه الآية تعد من فصيحات القرآن، وحكي أنها قرئت عند أعرابي فقال: هذا