* (الدنيا ومتعناهم إلى حين (98) ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (99) وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل) * * واختلف القول في أنهم هل رأوا العذاب عيانا أو رأوا دليل العذاب؟ فالأكثرون على أنهم رأوا العذاب عيانا. قال قتادة: تدنى عليهم العذاب حتى صار بينهم وبين العذاب قدر ميل. وقال بعضهم: رأوا دليل العذاب، ولم يروا عين العذاب.
والقول الأول أصح؛ بدليل قوله: * (كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا) والكشف إنما يكون بعد وقوع العذاب أو قرب العذاب. فإن قال قائل: كيف قبل إيمانهم عند المعاينة، ولم يقبل إيمان غيرهم، وقد قال في موضع آخر: * (يؤمنون بالغيب) دل أن الإيمان المقبول هو الإيمان بالغيب؟
الجواب: أن قوم يونس استثنوا من هذا الأصل بنص القرآن، والله تعالى يفعل ما يشاء ولا سؤال عليه فيما يفعل. وزعم الخليل وسيبويه: أن الاستثناء هاهنا منقطع، ومعنى الآية: لكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا.
وعن علي - رضي الله عنه - قال: الحذر لا يرد القدر، والدعاء يرد القدر؛ فإن الله تعالى كشف العذاب عن قوم يونس بالدعاء. وعن علي - أيضا - أنه قال: كان كشف العذاب يوم عاشوراء.
وقيل في تقدير ابتداء الآية: ' فهلا ' كانت قرية آمنت حين ينفعها إيمانها؛ لكن قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم العذاب، ومعنى قرية: أهل قرية. وقيل: اسم تلك القرية كان نينوى، من بلاد الجزيرة.
قوله تعالى: * (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) في الآية رد على القدرية؛ فإنه تعالى أخبر أنه لم يشأ إيمان جميع الناس، وعندهم أنه شاء إيمان جميع الناس. وقوله: * (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) هذا تسلية للنبي