تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٤١٧
* (نذير والله على كل شيء وكيل (12) أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (13) فإن لم يستجيبوا) * * فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) ومعني مثله: أي: مثله في البلاغة.
قال علي بن عيسى النحوي: البلاغة على ثلاث مراتب: المرتبة العليا: معجزة، والوسطى والأدنى ممكنه. والقرآن في المرتبة العليا من البلاغة.
فإن قيل: قد قال في سورة يونس: * (فأتوا بسورة مثله) وقد عجزوا عن أن يأتوا بسورة، فكيف يصح أن يقول لهم * (فأتوا بعشر سور مثله)، وما هذا إلا كرجل يقول لغيره: أعطني درهما، فيعجز عنه فيقول: أعطني عشرة دراهم، وأيضا فإنه قال: * (مفتريات) وهل يجوز أن يأمر الله تعالى أن يأتوا بالافتراء؟
الجواب عنه: عنه منهم من قال: إن سورة هود نزلت أولا وإن كانت في الترتيب آخرا، وأنكر المبرد هذا، وقال: لا، بل نزلت سورة يونس أولا. وأجاب عن السؤال وقال: معنى قوله: * (فأتوا بسورة مثله) في سورة يونس يعني مثله في الخبر عن الغيب والأحكام. والوعد والوعيد، فعجزوا، فقال لهم في سورة هود: إن عجزتم عن الإتيان بسورة مثل القرآن في أخباره وأحكامه ووعده ووعيده، فأتوا بعشر سور مثله مفتريات يعني: مختلقات من غير خبر عن غيب ولا حكم ولا وعد ولا وعيد، وإنما هي مجرد البلاغة. وهذا جواب صحيح.
وأما السؤال الثاني فالجواب: قلنا: الله سبحانه وتعالى لم يأمرهم بالافتراء، وإنما تحدى، ومعناه: أن إصراركم في تكذيب محمد وزعمكم أنه افترى القرآن يوجب عليكم أن تأتوا بمثله افتراء، ليظهر كذب محمد كما زعمتموه، فلما عجزتم دل أنه صادق.
وقوله: * (وادعوا من استطعتم من دون الله) معناه: واستعينوا بمن استطعتم من دون الله * (إن كنتم صادقين).
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»