تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٢ - الصفحة ٣٦٦
* (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3) إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا) * * قوله تعالى: * (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) في الأيام قولان:
أحدهما: أنها كأيام الآخرة، كل يوم ألف سنة. والآخر أنها كأيام الدنيا.
قوله * (ثم استوى على العرش) قد بيينا مذهب أهل السنة في الاستواء؛ وهو أنه نؤمن به ونكل علمه إلى الله تعالى من غير تأويل ولا تفسير.
وأما المعتزلة: فإنهم أولوا الاستواء بالاستيلاء، وهو باطل عند أهل العربية.
حكى عن أحمد بن أبي داود - وكان من رؤساء المعتزلة - أنه قال لابن الأعرابي: أتعرف العرب الاستواء؟ بمعنى الاستيلاء فقال. لا. ويحكى أن هذه المسألة جرت في مجلس المأمون، فقال بشر المريسي: الاستواء بمعنى الاستيلاء، فقال له أبو السمراء - وهو رجل من أهل اللغة - أخطأت يا شيخ؛ فإن العرب لا تعرف الاستيلاء إلا بعد عجز سابق.
قوله تعالى * (يدبر الأمر) قال مجاهد: يقضي الأمر * (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) معناه: أن الشفعاء لا يشفعون إلا بإذنه، وهذا رد على النضر بن الحارث، فإنه كان يقول: إذا كان يوم القيامة يشفعني اللات والعزى. قوله تعالى * (ذلكم الله ربكم) يعنى: ذلك الذي فعله هذا ربكم * (فاعبدوه أفلا تذكرون) أفلا تتعظون.
قوله تعالى * (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا) نصب وعد الله حقا يعنى: وعد الله وعدا حقا * (إنه يبدأ الخلق ثم يعيده) معناه معلوم * (ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط) قال ابن عباس: بالعدل * (والذين كفروا لهم شراب من حميم) الحميم هو الماء الذي انتهى حره. وفي القصص: أن النار أوقدت عليه منذ يوم خلقها إلى أن يدخل الكفار [في] (1) النار. قوله: * (وعذاب أليم بما كانوا
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»