(* (5) يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون (6) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) * * واختلفوا في أن قوله: * (كما أخرجك) إلى ماذا ترجع كاف التشبيه؟ قال المبرد: تقديره: الأنفال لله وللرسول وإن كرهوا، كما أخرجك ربك من بيتك وإن كرهوا. وقول الفراء قريب من هذا، وهكذا قول الزجاج؛ فإنهما قالا: تقديره: امض لأمر الله في الأنفال وإن كرهوا كما مضيت لأمر الله عند إخراجك من بيتك وإن كرهوا.
وقيل: هو راجع إلى قوله تعالى: * (فاتقوا الله) وتقديره: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فاتبعت أمره فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم. وقيل: هو راجع إلى قوله تعالى: * (لهم درجات عند ربهم) وتقديره: وعد الدرجات حق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق؛ فأنجز والوعد بالنصر والظفر. وقال أبو عبيدة: ' ما ' هاهنا بمعنى: ' الذي ' أي: كالذي أخرجك ربك.
* (وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين) وذلك أن أصحاب رسول الله كرهوا خروجه إلى بدر، وجادلوا فيه، فقالوا: لا نخرج؛ فإنا لم نستعد للقتال، وليس معنا أهبة الحرب.
وقوله: * (بعد ما تبين) معناه: ما تبين لهم صدقه في الوعد بما وعدهم مرة بعد أخرى فصدقهم في وعده.
* (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) فيه تقديم وتأخير، وتقديره: وإن فريقا من المؤمنين لكارهونه كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، يجادلونك في الحق بعد ما تبين.
قوله تعالى: * (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم) سبب هذا: ما روي أن أبا سفيان قدم على عير من قبل الشام فيها أموال قريش، فبلغ ذلك رسول الله وأصحابه بالمدينة، فخرجوا في طلب العير، فبعث أبو سفيان رجلا إلى مكة يستنفرهم ويستغيث بهم، فخرج أبو جهل ورءوس المشركين في سبعمائة وخمسين