(* (142) ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر) * * قوله - تعالى -: * (ولما جاء موسى لميقاتنا) يعني الوقت الذي وقت له على ما بينا * (كلمه ربه) وفي القصة: أن الله - تعالى - لما استحضره بجانب الطور [و] أنزل ظلمة على سبعة فراسخ، وطرد عنه الشيطان، ونحى عنه الملكين، وكلمه حتى أسمعه وأفهمه. وفي القصة: كان جبريل معه فلم يسمع ما كلمه ربه.
* (قال رب أرني أنظر إليك) قال الزجاج: فيه حذف، وتقديره أرني نفسك أنظر إليك. فإن قال قائل: كيف سأل الرؤية وقد علم أن الله عز وجل لا يرى في الدنيا؟ قال الحسن: هاج به الشوق؛ فسأل الرؤية. وقيل: سأل الرؤية ظنا منه أنه يجوز أن يرى في الدنيا.
* (قال لن تراني) يستدل من ينفي الرؤية بهذه الكلمة، وليس لهم فيها مستدل؛ وذلك لأنه لم يقل: إني لا أرى؛ متى يكون حجة لهم؛ ولأنه لم ينسبه إلى الجهل في سؤال الرؤية، كما نسب إليه قومه بقولهم: ' اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ' لما لم يجز ذلك، وأما معنى قوله * (لن تراني) يعني: في الحال أو في الدنيا.
* (ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) معناه: اجعل الجبل بيني وبينك؛ فإنه أقوى منك، فإن استقر مكانه فسوف تراني؛ وفي هذا دليل على أنه يجوز أن يرى؛ لأنه لم يعلق الرؤية بما يستحيل وجوده؛ لأن استقرار الجبل مع تجليه له غير مستحيل، بأن يجعل له قوة الاستقرار مع التجلي.
* (فلما تجلى ربه للجبل) أن ظهر للجبل: قيل: إنه جعل للجبل بصرا وخلق فيه حياة، ثم تجلى له فتذكرك على نفسه. وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن النبي أنه قال: ' إن الله - تعالى - تجلى للجبل بقدر أنملة الخنصر، ثم وضع ثابت إبهامه على أنملة خنصره، فقيل له: أتقول بهذا؟ فقال: يقول به أنس ورسول الله، ولا